نوه مجلس إدارة الصندوق بانتعاش النشاط الاقتصادي في الجزائر وتراجع نسبة التضخم من جديد وأهمية هوامش التحرك، مسجلا في ذات الوقت بعض نقاط الضعف المتزايدة في سياق تراجع أسعار النفط وتدهور الوضع المالي ورصيد المعاملات الجارية وانخفاض احتياط الميزانية واحتياطات الصرف. جاءت هذه المعاينة في التوصيات الرئيسية لهيئة بريتن وودس التي نشرتها مساء الخميس في مذكرتها الإعلامية عقب اجتماع مجلس إدارتها يوم 1 ديسمبر في إطار التقييم السنوي لاقتصاد الجزائر وفقا لأحكام المادة 4 من قانونها الأساسي. ودعا "الأفامي" بهذا الصدد إلى اتخاذ إجراءات سريعة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي ومرافقتها بإصلاحات واسعة النطاق لتنويع الاقتصاد وتحسين التنافسية وترقية النمو التضامني وإنشاء مناصب شغل. واعتبر أن "الجزائر تتمتع حقا باستقرار اقتصادها الكلي ولكنها بحاجة إلى نمو أسرع وتضامني أكثر لخلق مناصب شغل كافية لصالح فئة الشباب". وأشار إلى ضرورة التطهير المستمر للمالية العمومية القائمة على قواعد مالية موثوقة لتدارك العجز المتنامي المسجل في الميزانية وضمان استمرارية المالية العمومية. كما نوه بعزم السلطات الجزائرية على الانتقال إلى إطار مالي على المدى المتوسط والاستمرار في تعزيز تسيير المالية العمومية. وأشار الصندوق إلى أنه يشجع رفع إصدار سندات الخزينة للمساهمة في امتصاص السيولة من خلال التقليص من الحاجة إلى اللجوء إلى صندوق الاحتياط النفطي لتمويل الميزانية مع تعزيز سوق رؤوس الأموال. كما نوه بتصميم السلطات الجزائرية على وضع آليات سياسة نقدية جديدة بدعم صندوق النقد الدولي لضمان تسيير السيولة. وأجمع أعضاء مجلس إدارة الصندوق على أن الحفاظ على الاستقرار الخارجي يعد أولوية ويقتضي إستراتيجية ناجعة تهدف إلى تنويع الصادرات الوطنية مع تحسين القدرة على التصدير لقطاع المحروقات. وفي تحليله لوضعية الجزائر الاقتصادية خلال سنة 2014 أشار مجلس إدارة صندوق النقد الدولي إلى تعزيز النشاط الاقتصادي مع احتمال بلوغ نسبة نمو فعلي في الناتج المحلي الخام تقدر ب4 بالمائة سنة 2014 مقابل 2.8 بالمائة سنة 2013. وأشارت الهيئة المالية الدولية إلى أنها تتوقع تسجيل تقدم في قطاع المحروقات لأول مرة خلال السنوات الثماني الأخيرة بينما يظل النمو في القطاعات الأخرى "واعدا". وأضاف الصندوق أن نسبة التضخم تراجعت بشكل معتبر لتبلغ 2.1 بالمائة لاسيما بفضل ضبط السياسة النقدية. واعتبر الصندوق أن "الجزائر تستمر في تسجيل هوامش تحرك هامة على الصعيدين الخارجي وفيما يخص الميزانية غير أن الأخطار التي تهدد استقرار الاقتصاد الكلي تزداد شدة". ولأول مرة منذ 15 سنة تقريبا قال الصندوق إن حساب المعاملات الجارية سيسجل عجزا. وعلى المدى المتوسط سجل الصندوق زيادة نسب العجز نظرا للاستهلاك الداخلي القوي للمحروقات مع تراجع أسعار النفط اللذين يؤثران على مداخيل الصادرات وتستمر الواردات في الارتفاع بحافز النفقات العمومية، مشيرا إلى عدم تنوع الصادرات بشكل كاف. ويرتقب ارتفاع نسبة عجز الميزانية إلى ما يفوق 7 بالمائة نظرا لتراجع عائدات المحروقات والارتفاع المعتبر لنفقات الاستثمار واستمرار النفقات الجارية الهامة. وأكد الصندوق أن العائدات المحققة خارج المحروقات تظل دون قدراتها بينما تعد كتلة الأجور مرتفعة والإعانات والتحويلات جد مكلفة حيث تعادل نحو 26 بالمائة من الناتج المحلي الخام، مشيرا إلى أن احتياط الميزانية قد يسجل انخفاضا للسنة الثانية على التوالي.