سنة كاملة من الجدل والنقاش والأخذ والرد بين الحكومة والنقابات، انتهت بزيادات رمزية في الأجور لن تغطي الفارق في سعر الزيت والسكر، مع إبقاء الأمل لدى المواطن المسكين بأن زيادات معتبرة منتظرة . وأن هذه الزيادات قد تصل نسبا خيالية مع تطبيق القوانين الأساسية في مختلف القطاعات تفوق 50 بالمائة وتصل إلى 100 بالمائة في بعض القطاعات الاستراتيجية.يحدث هذا في وقت وصلت الأوضاع المعيشية للمواطن حدا لا يطاق، وأصبح الأجر الشهري للموظفين لا يكفي للبقاء على قيد الحياة في ظل الارتفاع الفاحش في أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية، وانسحاب الدولة من السوق لتتحكم فيها مافيا الاحتكار بالشكل الذي حول مواد كانت في متناول الجميع إلى سلعة "راقية" لا تدخل إلا بيوت الميسورين.وفي الواقع فإن المشكلة ليست في ارتفاع الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية بقدر ما هي في الضجة الإعلامية التي رافقت الزيادة في الأجور بتقنية التقطير والتي أدخلت الجميع في عمليات حسابية كبرى، انطبق عليها فيما بعد المثل الشعبي القائل "اللي يحسب وحدو تشيطلو".هذه الزيادات الطفيفة التي أحدثت صدمة في الأوساط العمالية، تخضع بدورها لاقتطاعات ضريبية تجعل منها مجرد علاوات لا تأثير لها في مواجهة تحديات العيش التي دخلت مرحلة الخطر على الاستقرار الاجتماعي، رغم كل التسويق لهذه الزيادات على مستوى المركزية النقابية التي بشرت العمال بمفاجآت سارة قبل عام، ومر العام دون أن يرى المواطن أثرا لهذه الوعود.وبعد كل ذلك يفترض أن تتحرك المركزية النقابية التي كان لها دور في ضمان الاستقرار في مختلف القطاعات، وتطالب بما يحفظ لها ماء الوجه وهي التي أعدت دراسة حول القدرة الشرائية تظهر الفارق الكبير بين الأجور ومتطلبات العيش الكريم.