يثير غياب ملك المغرب محمد السادس عن قمة "الاتحاد من أجل المتوسط" واستبداله بشقيقه مولاي الرشيد عديدا من علامات الاستفهام، باعتبار أن محمد السادس كان من أوائل الداعمين لمشروع نيكولا ساركوزي في الوقت الذي تحفظت فيه بقية الدول المغاربية. ويكفي أن هذا الأخير كان قد اختار المغرب لعرض رؤيته حول المشروع عندما كان في بدايته، ومن هناك دعا في 23 أكتوبر 2007 رؤساء الدول المطلة على البحر المتوسط إلى اجتماع تأسيس الاتحاد رسميا. * كما أن المغرب مرشح لأن يتولى الأمانة العامة للاتحاد إلى جانب كل من تونسواسبانيا ومالطا، وفيما اكتفت وكالة الأنباء المغربية الرسمية بالإعلان أن مولاي الرشيد سيمثل الملك محمد السادس في قمة "الاتحاد من أجل المتوسط" دون أن تذكر أسباب هذا القرار، كشف مصدر قريب من الحكومة المغربية لوكالة الأنباء الفرنسية أن غياب محمد السادس يعود ل "جدول أعماله المثقل"، وأوضح المصدر أن الملك "سيدشن سلسلة من الورشات لا سيما في وجدة والناظور بشمال المغرب". * ونفى ذات المصدر أن يكون هناك خلاف محتمل بين فرنسا والمغرب حول "مشروع الاتحاد المتوسطي"، مؤكدا أن المغرب ما يزال يدعم بقوة المشروع وسيدافع عنه دائما. ومن جهتها الرئاسة الفرنسية استبعدت وجود خلاف سياسي بين باريس والرباط، مؤكدة أن الرئيس نيكولا ساركوزي أجرى مباحثات مطولة مع الملك محمد السادس. وصرح مصدر من الاليزيه للصحافيين أن "محمد السادس كان من اشد مؤيدي الاتحاد المتوسطي منذ البداية (..) وان علاقاته أكثر من ودية وحتى شخصية مع الرئيس ساركوزي . ولو لم يكن موافقا لما أرسل شقيقه" الأمير رشيد، دون المزيد من التفاصيل حول غياب العاهل المغربي. * غير أن المبرر "الرسمي" لغياب محمد السادس عن قمة حليفه نيكولا ساركوزي لا يبدو مقنعا لأحد، باعتبار أن المشاريع الداخلية يمكن تأجيلها عندما يتعلق الأمر بمواعيد دولية وخاصة بمشروع يمس المغرب ومصالحه الاستراتيجية بالدرجة الأولى. وبحسب المعطيات المتوفرة، هناك بعض الاحتمالات تقف وراء قرار محمد السادس المفاجيء، فإما أن المغرب لم يحصل على الأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط، وهو ما أثار غضب الملك محمد السادس. مع العلم أن اسبانيا قدمت أمس رسميا طلب ترشيح مدينة برشلونه لتكون مقرا للأمانة العامة للمتوسط . وأكد وزير الخارجية الاسبانى ميجل أنخل موراتينوس أن الطلب قوبل بجو من الترحيب.ولم يتم الحسم في مسألة الأمانة العامة للاتحاد وتم تأجيل البت فيه إلى الاجتماع الوزاري القادم لدول الاتحاد من أجل المتوسط والذي سيعقد يومي 2 و3 نوفمبر القادم بمدينة مرسيليا الفرنسية. * * والاحتمال الثاني، يتعلق برؤية القصر الملكي لمشروع ساركوزي، حيث يرغب المغرب بأن يركز المشروع أكثر على الجانب السياسي، من خلال قيامه بلعب دوري محوري في حل الصراعات والأزمات التي تشهدها منطقة البحر الأبيض المتوسط وخاصة قضية الصحراء الغربية والصراع العربي الإسرائيلي. في حين أن الأهداف المسطرة لمشروع ساركوزي هي التركيز على الجوانب الاقتصادية في الشراكة في ضفتي المتوسط. * والاحتمال الثالث الذي يكون قد دفع محمد السادس إلى التغيب عن قمة باريس ربما يكون مرتبطا بظروف داخلية، حيث كانت تقارير إخبارية قد تحدثت عن وجود خلافات داخل الأسرة الحاكمة في المغرب وأن محمد السادس يرغب في ترك الحكم وربما يخلفه في ذلك شقيقه مولاي الرشيد.