ما يحدث الآن في العراق يبشر بخير عميم بعد أن أصبح الفرز في الساحة على أساس وطني وليس مذهبي أو قومي.. وقد انطوت صفحة الطبقة السياسية العميلة التي أثارت النعرات القومية والمذهبية وأظهرت الأزمة العراقية على اعتبار انها توزيع استحقاقات على اسس طائفية. فالصدريون يؤكدون براءتهم من الأفعال المشينة التي نفذها الطائفيون تحت عباءتهم ضد مساجد أهل السنة ويؤكدون ان الهدف الوحيد امامهم هو طرد المحتلين الأمريكان وهذا بلا شك يعبر عن دخول حاسم لقوة رئيسية في اصطفاف المقاومة العراقية التي اريد لها ان تنحصر في العرب السنة.. وبهذا يكون العراقيون قد أداروا ظهورهم للخطاب الطائفي واصبح تمحورهم حول الخطاب الوطني التحرري وفي مقابلهم انحسرت أصوات الطائفيين الذين انهمكوا في توقيع صفقات مع المحتل تسمح له بأن يستوطن بالعراق من خلال عشرات الآلاف من الجنود والشركات الأمنية والاقتصادية.وفي امريكا كان تقرير امام الكونجرس لقائد القوات الأمريكية بالمنطقة الوسطى يفيد بأن الوضع الأمني هش وان الوضع الاقتصادي هش وان الوضع السياسي هش.. والأمريكان يحيون ذكرى احتلال بغداد باحتجاجات ومظاهرات وتأكيد من شرائح سياسية واعدة بضرورة الانسحاب من العراق.. وعلى الأرض أصبحت المنطقة الخضراء ملونة بدم الجنود والضباط الأمريكان الصرعى.اليوم هو ذكرى ليوم من الأيام الأكثر سوادا في تاريخنا العربي والاسلامي.. انه يوم سقوط بغداد تحت وقع قنابل الأمريكان المحرمة دوليا.. واليوم هو كذلك يوم ذكرى لانطلاق أشد مقاومة نهض بها العرب في مواجهة المحتلين.. مقاومة باسلة خرجت من تحت الدمار لتفرض على العدو واقعا لم يكن يتوقعه اكثر الناس تفاؤلا.. مقاومة رغم حجم الهجمة الشريرة ومن يسير في ركابها من عملاء للمستعمر.والعراق اليوم رغم جراحه النازفة ورغم الدمار العظيم الذي يلف قراه ومدنه، ها هو يخرج للشوارع، معلنا رفضه لوجود المحتلين في الفلوجة وابو غريب وتكريت والنجف والبصرة.. مهرجانات ومظاهرات للتنديد بوجود الاحتلال وأعوانه.. اما بغداد فلقد فرضوا عليها حظرا للتجول فيما قذائف الأمريكان تقصف مدينة الصدر البغدادية.احسن العراقيون وهم يرفضون أي حوار مع المحتل او ان يعطوا شرعية لما ينبثق عنه من هياكل سياسية تأتمر بأمر الأمريكان، واحسنوا كذلك وهم يوزعون معركتهم بعيدا عن الانهماك في مظاهر سياسية لها، تاركين لما يلحق العدو من ألم وقهر.. القرار في الحديث واعلان نتائج اطول حرب تخوضها امريكا وتهزم فيها. الشيخ الضاري والكبيسي والخالصي وغيرهم من وجوه العراق الكريمة البهية اصبحت اليوم وجوه أمل بصبح أمة تخرج من تحت الأنقاض لتنتصر ولتهزم قوة الشر.