كثيره هي التفاصيل التي مر بها العراق بعد6 سنوات من بدء أكبر حملة للتزييف والخداع والكذب حملت اسم حرب تحرير العراق يوم20 مارس2003 ورغم أن الاحتلال لايحمل إلا ما هو ضار في العموم إلا أن الاحتلال الامريكي المدعوم والمدموغ بالقرارات الدولية حمل ما هو أكثرمن الوجه القبيح للاحتلال, بل حمل معه أمراضا سرطانية مازالت مستشرية في الجسد العراقي العليل, وهنا لانشير إلى من امتطوا الدبابات الامريكية وحكموا باسم الديمقراطية الجديدة أو أولئك الذين أحيا الاحتلال الامريكي للعراق احلامهم الامبرطورية في المنطقة، أوالوضع المأساوي الذي يعيشه العراق وشعبه والاوضاع القلقة.. التي تعاني منها المنطقة والتي كان الاحتلال المزدوج للعراق سببا فيها, لقد كنا ومازلنا مع تأكيد ان احتلال العراق وتحطيمه اسهم في خلق واقع جديد ومأساوي دفعت وستدفع الشعوب العربية ثمنا له علي الاصعدة كافة نتمني أن تكون قد اقتربت نهايته ..... الصورة الآن في عراق,2009 ربما تكون اكثر اختلافا عن عراق الاعوام الماضية, فالعراق الآن وبعد كم هائل من المذابح الجسدية والسياسية اكثر هدوءا من الناحية الامنية الا انه ليس كذلك من النواحي الاخرى، لان التجربة المريرة مازالت مستمرة ومازالت الطائفية تحكم وان تمسحت بمسوح الديمقراطية والاغلبية وحكم الدستور, الا ان الواقع يقول خلاف ذلك إننا هنا بصدد الحديث عن مجتمع لم يعط الفرصة الحقيقية لمعالجة جراحه وتجاوز الآثار، لان الجلاد مازال هو القاضي والحاكم.. والمجتمع جميع المجتمع تحت رحمته موظفا مختلف ادوات الجهل التاريخي والديني لخدمه اهدافه وتكريس الواقع الجديد الذي لايخدم الا المصالح الضيقة لفئات معينة، ان الجميع يتمنون ان يكون الخطاب الجديد الذي يتبناه نوري المالكي رئيس وزراء العراق نابعا عن اقتناع لا عن مناورة سياسية وانتخابية بعيدة المدى، ورغم ان خطاب المالكي شهد تطورا كبيرا باتجاه الكثير من القضايا، الا انه مازال عاجزا عن الارتفاع الى السقف الذي يتجاوز الطائفة إلى المواطنة. وقد تكون المخاوف من تغير خطاب المالكي نابعة من كونه من صقور حزب الدعوة الذي استحوذ هو على قيادته بعد توليه رئاسه الوزارة خلفا للدكتور ابراهيم الجعفري، بعد ضربة مزدوجة اطاح فيها بالجعفري من رئاسه الحكومة والحزب عموما من الجيد ان يتطور الخطاب السياسي للمالكي باتجاه النظرة العامة للعراق والعراقيين ونتمنى أن يكون هذا التطور ناتجا عن اقتناعات حقيقية جديدة للفوز بأربع سنوات أخرى في رئاسة الحكومة العراقية. هذا الامر يقابله أن عُرى التحالفات الشيعية سواء بين التيار الصدري وحزب الدعوة والمجلس الاسلامي الاعلى مازالت قوية برغم العديد من الصراعات الفرعية في هذه المحافظة او تلك، وما يقال عن إضعاف هذا التيار او ذاك لصالح تيار آخر هو من الامور التي تغالط الحقيقة، لان جوهر هذه التيارات واساس حراكها وحركتها هو المذهب وخطابها السياسي والانتخابي لم يتجاوز الا في النادرالخطاب المذهبي، وكنا نتمنى أن تظهر جبهة وطنية عراقية اكثر اتساعا تضم الجميع وتعلن عن نفسها خلال الانتخابات المحليه السابقة، إلا إن الأمر لم يحدث لأن الخطاب وإن تغير فان الوجوه والأفكار كما هي، وكامتداد لذلك استفحل النفوذ الايراني في العراق ونجحت طهران وضمن مخطط لا يمتلك أي مراقب الا الاعجاب به في أن تكون القوة الأكثر فاعلية في مختلف المؤسسات العراقية عسكرية كانت أم سياسية بل إنها الآن الأكثر قوة من الولاياتالمتحدةالامريكية التي فتحت لها الطرق الى بغداد التي لم تحلم بها يوما, وبات الآن اصدقاء ايران لا نقول عملاؤها يحكمون العراق تحت المظلة الامريكية التي حمت ووفرت الغطاء للرئيس الايراني احمدي نجاد وهاشمي رافسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الايراني. والامر الذي بات الآن اكثر وضوحا هو ان إيران --قبل من قبل ورفض من رفض- سيدة الموقف في العراق لأن الآخرين غير مؤهلين ربما عقليا وليس سياسيا أو عسكريا للعب أي دور يخدم قضاياهم. هذا الأمر هو الأهم والأكثر تأثيرا علي مستقبل العراق خلال العقود القادمة، أما بالنسبة للأكراد العراقيين فهم على دراية تامة بالجيوبوليتيك المحيط بهم ويعملون من خلال التحالفات السياسية الداخلية والاقليمية على تحقيق أكبر المكاسب للقومية الكردية التي تسبق اي شيء دينيا كان أو مذهبيا، وربما تكون تصريحات جلال طالباني رئيس العراق ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني حول اقامه كردستان الكبري وقوله انها لا تقام الا في القصائد الشعرية رسالة وادراك لواقع الامر خاصة ان الكثير من التحالفات داخل كردستان العراق بدأت تنهار وتتصدع بما فيها الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يرأسه طالباني. ومن هنا يمكن تفهم تحرك طالباني باتجاه ايران والاحزاب الشيعية بأنه محاولة لتأمين المكاسب السياسية للاكراد العراقيين لأطول فترة ممكنة. وكما هو معروف فان الولاياتالمتحدة المنغمسة الآن في اصلاح ذاتها سحبت يدها نسبيا من القضايا العالمية واعلنت انها ستنسحب من العراق في غضون اقل من العامين، وهو ما كشف الموازين الحقيقية للقوي في العراق والمنطقة, وأصبح الجميع في مواجهة واقع حاولوا تغييبه عن أنفسهم وهي أن صياغة جديدة لموازين القوي في المنطقة جري إعدادها وفرزها داخل العراق وعلي حساب الأبرياء العراقيين وهويتهم العربية ودفعت بعض الدول ومنها مصر ثمنا لها من دماء ابنائها المقيمين في العراق وسفيرها في بغداد، وخلاصتها ان العراق كان الثور الأبيض الذي ترك للصيادين وان الثور القادم سواء كان( أسود) أم أخضر هو عربي بامتياز, وبعيدا عن الزيارة التي قام بها أمين عام الجامعة العربية عمرو موسي لبغداد اخيرا فان التعامل العربي مع العراق هو ترجمة للحالة العربية المتردية التي مازالت تبحث عن المصالحة والمصارحة اصطلاحان عادا إلى الظهور مرة أخري بعد أن اختفيا أكثر من15 عاما في مبادرة كانت تتعلق بالعراق والكويت بعد تحرير الكويت وقبل تدمير العراق وهي الآن اي الجامعة العربية طرقت ابواب بغداد لتحثها على المصالحة بين العراقيين وهو ما دعا الخارجية العراقية إلي التأكيد علي ان زيارة موسي فرصه لمناقشة الاوضاع العربية سواء في السودان او القضية الفلسطينية, اما رئيس الوزراء العراقي فإنه رأى أن أي مصالحة لابد ان تكون وفقا للدستور العراقي الذي لم تحسم الكثير من نقاطه. لقد كان العراك عذر العراق ومازال ساحة لاكبر معركة شهدها ويشهدها تاريخ وحاضر المنطقة وحسمها، الذي بدت ملامحه تتضح، سيكون نقطة فاصلة في مستقبل المنطقة، ويبدو ان الكثير من الاطراف التي دفعت وستدفع نتائج الصراع وهي عربية بالطبع لم تستوعب الدرس الذي قارب على الانتهاء ومن المؤكد انها لم تدرك الكثير من الدروس القادمة!!!.