اتهمت عائلة محمد زهير الصديق، الشاهد الرئيسي في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري السلطات الفرنسية إما بتصفيته أو بتسهيل اختفائه بغرض تصفيته جسديا من قبل جهة أخرى. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير مساء الثلاثاء نبأ اختفاء "زهير الصديق" بقوله أنه "كان في منزله أو خاضعا للإقامة الجبرية، ثم اختفى"، مؤكدا عدم علمه بظروف اختفائه وما إذا كانت هناك قوة من الشرطة تتولى حراسته.. وأعلن عماد الصديق في تصريح لصحيفة "الوطن" السورية نشرته الأربعاء أن شقيقه موجود تحت حماية السلطات الفرنسية، مؤكدا أن العائلة ستقدم خلال اليومين المقبلين طلبا إلى السفارة الفرنسية في سوريا لمعرفة مصير ابنها و"ما إذا كان حيا أو مقتولا". ولم يستبعد شقيق الشاهد الوحيد في قضية اغتيال الحريري تورط "أطرافا لبنانية" بينها وزير الاتصالات مروان حمادة "بالتعاون مع الفرنسيين لتصفية زهير الصديق". كما أكد أن من قتله سيسعى إلى تحويل الأنظار باتجاه سوريا على أساس أنها المستفيدة الوحيدة من قتله. كما وصف المحامي أكرم عازوري وكيل الضباط الأربعة المعتقلين في قضية اغتيال الحريري، تمكين الصديق من الهروب بأنه يأتي في سياق المواقف الفرنسية الرافضة الإلتزام بقرار مجلس الأمن 1595 المتعلق باغتيال الحريري، داعيا المجلس إلى اتخاذ إجراءاته.. وكانت مصادر أمنية أوروبية قد أشارت إلى أن إختفاء "الصديق" تم قبل بضعة أسابيع، بعدما دخل فريق من الشرطة الفرنسية يعمل في حماية الشخصيات إلى منزله، مشيرة إلى أنه غادر الأراضي الفرنسية باتجاه إحدى الدول الخليجية. ومع أن ذات المصادر نفت علمها بخضوع الصدّيق لبرنامج حماية الشهود من قبل لجنة التحقيق الدولية، ذكرت بأنه مطلوب للسلطات اللبنانية، وأن الأخيرة أرسلت عدة أسماء لعدد من الشهود الذين يخضعون الآن لبرنامج حماية الشهود.. وفي سياق التقارير التي تناولت نفس القضية، قال مصدر فرنسي أن "الصديق" طرد من فرنسا قبل حوالي تسعة أشهر إلى السعودية، وليس مؤخرا كما قيل، حيث أمر الرئيس نيكولا ساركوزي بطرده بعد أقل من شهر واحد على استلامه منصب رئاسة الجمهورية رسميا نهاية ماي من العام الماضي.. وكان أول رئيس للجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري القاضي الألماني ديتليف ميليس قد اعتبر الصديق وهو ضابط سابق في الاستخبارات السورية ثبت فيما بعد كذبه، شاهدا رئيسيا في قضية اغتيال الحريري، لكن الصديق الذي كان قد ذكر في وقت سابق أن الرئيس اللبناني السابق إميل لحود والرئيس السوري بشار الأسد هما اللذان أمرا باغتيال الحريري، تحول من شاهد إلى مشتبه به بالضلوع في اغتيال الحريري أمام القضاء اللبناني الذي أصدر مذكرة توقيف غيابية بحقه، ثم أوقف بناء على طلب لبنان وبواسطة مذكرة توقيف دولية في 16 أكتوبر 2006 في إحدى ضواحي باريس وأخضع للإقامة الجبرية. وبناء على إفادة محمد زهير الصديق التي أقرت لجنة التحقيق الدولية لاحقا أنها "رواية مفبركة"، أصدر ميلس أوامره للحكومة اللبنانية باعتقال الضباط اللبنانيين الأربعة "جميل السيد وعلي الحاج وريمون عازار ومصطفى حمدان".. وتعود قضية الشاهد الوحيد في اغتيال الحريري مع تطورات يعرفها ملف التحقيق الدولي الذي بات يتولاه دانيال بلمار. وقد أكدت لجنة التحقيق الدولية أن "شبكة إجرامية" هي التي تقف وراء عملية الاغتيال وأنها أي اللجنة باتت تمتلك أدلة حول وجود هذه الشبكة وارتباطاتها المحتملة. وقال المحقق الدولي، الذي تولى منصبه مؤخراًَ خلفاًَ للبلجيكي سيرج براميرتس، إنه بحاجة للمزيد من الوقت لتحديد هويات المتورطين في العملية وطلب من مجلس الأمن الثلاثاء تمديد ولاية اللجنة إلى ما بعد موعد انتهاء ولايتها الحالية، منتصف جوان المقبل. وخلال جلسة الاستماع التي قدم فيها بلمار رسمياً تقريره الأول حول التحقيق في الجريمة والتقرير العاشر الذي تقدمه اللجنة ككل منذ بداية عملها مع المحقق الألماني ديتلف ميليس إن الشبكة التي يجري الحديث عنها "عملت بصورة منسقة" على تنفيذ الاغتيال. وذكر المحقق الكندي الأصل أن الأدلة المشار إليها تثبت أن الشبكة راقبت الحريري لفترة قبل اغتياله وأنها نشطت في يوم الاغتيال، كما استمرت بعض خلاياها نشطة خلال الفترة الزمنية التي أعقبت تنفيذ العملية والتي شهدت أيضاً عمليات اغتيال أخرى تدخل ضمن اختصاص عمل اللجنة.