للأسف مرت ذكرى رحيل الشاب عزيز ال 19، في العشرين من سبتمبر المصادف لتحضير الناس لعيد الأضحى المبارك، وكأنه لم يكن في الحياة الفنية أبدا، فنان عاش فشغل الناس وغنى فشغل الناس ومات ومرّت ذكراه دون أن تشغل أحدا. "قد تكون مشكلتي الكبيرة أنني طيب جدا، لكنني مصمم على مزيد من الطيبة، وسأسامح كل الذين ظلموني وأطلب من الجميع مسامحتي"، كانت هذه آخر جملة من آخر حوار خص به الشاب عزيز الشروق العربي، ساعات قبل اغتياله، كلمات لخص عبرها الكثير من أخلاقه الكريمة وبعدها رحل وهو بالتأكيد مسامح من الجميع كما كان في حياته. البداية البريئة ببراءةأبناء الحي الشعبي، حي الفوبور أو الأمير عبدالقادر، كان الصبي عزيز يحمل رفقة مجموعة من أصدقاء الحي، ما تبقى من علب الزيت البلاستيكية الفارغة، ويختلي في غابة قريبة من حيّه ليملأ الدنيا ضجيجا على قرع البيدون وصراخه العالي، إلى أن أصبح مطرب الجيران والمدرسة، وفي سن السادسة عشر أي في عام 1984 بدأ في تقليد أغاني الراي ليتميز بعد ذلك بنوع الشاوي العصري والسراوي، ويبعث للوجود أول شريط له عام 1989 "الهوا واذرارا" الذي حقق نجاحا كبيرا، وأغنية بعد أخرى، وشريط بعد آخر أصبح الشاب عزيز أحد أهم الأسماء الفنية الشبابية في الجزائر وذاع صيته حتى على المستوى العربي، عندما أحيى حفلات ناجحة في صائفة 1995 بالمدن التونسية واعترفت بإمكانيته المطربة المصرية أنوشكا التي وعدت محبيها بإعادة أغنية عينيك ملاح، وبالرغم من الضجة الإعلامية التي أثارها خبر زواجه من المغنية سلمى المختفية الآن عن الأنظار، والإشاعات التي نسجت خيوطها بعد هذا الزواج، إلا أن عزيز حافظ على برودة أعصابه وأيضا على علاقته مع أم ابنته الوحيدة التي جاوز سنها الآن العشرون، وظل على اتصال بها حتى بعد هذا الانفصال المكاني، والدليل على ذلك أن السيدة سلمى أخذت أول طائرة بين العاصمة وقسنطينة لتلقي آخر نظرة على أول وآخر حبيب في حياتها. سبتمبر شهر اغتيال الفنانين يعيد التاريخ نفسه، عندما يحل شهر سبتمبر، فيأتي دور عزيز بعد أن كان دور حسني في نفس هذا الشهر، وتتشابه الأحداث فيرحل عزيز وهو بعيد عن زوجته سلمى وابنته منال، كما رحل حسني وهو بعيد عن زوجته ملوكة وابنه عبد الله، وتطير سلمى بعد أن هزها الخبر إعلاميا نحو قسنطينة كما طارت ملوكة نحو وهران عندما هالها خبر اغتيال حسني.. وتنتهي قصة المغني عزيز كما انتهت قصة حسني، تاركة ألف سؤال وسؤال.. تاركة أيضا أحببنا أم كرهنا بصمات في الثورة الفنية الشبابية التي أيقظت الأغنية الجزائرية. ثلاثة أيام قبل الكارثة سألناه لماذا رفض القيام بحفلة في عنابة مقابل عشرين ألف دينار أي مليونان، وكان مبلغا مهما في ذلك الوقت، فرد أسفا .. لكن الحفلة تزامنت مع عرس أحد الفقراء الذي ترجاني لإحياء حفلته، فكنت في الموعد.. ثم أكمل يقول.. لقد أمضيت صيفا أبيض لم أعمل فيه وتركته للفقراء، أحيي أعراسهم وأرسم البسمة على شفاههم حتى إنني تركت فرصة تونس تضيع رغم نجاحي العام الماضي في إحياء حفلات تونس، تمنيت أن أذهب إلى فرنسا بعد أن تلقيت دعوات متعددة من ودادية الجزائريين في أوربا، لكنني اصطدمت بحاجز الفيزا.. ولن أطلبها على حساب شرفي.. وفي الختام قال "بإصرار قررت أن ألتزم الصلاة فهي الفريضة التي أتكاسل على أدائها ولن أتركها أبدا". غاب عزيز بعد ذلك حاملا هذه النوايا الطيبة في قلبه الطيب، وهو يقول "أنتظر بصبر أيوبي مسلسل بعنوان "قصر الفمبير" الذي أديت فيه دور الشاب الذي لا يخاف رفقة عمالقة المسرح القسنطيني"، لكن القدر أراد له نهاية لحياته قبل جينيريك بداية المسلسل، الذي عرض ولكن من دون عزيز، الذي وضع حجر أساس الفن السراوي وأيضا نوع الأغاني التي نجح بها ابن مدينته قسنطينة، الشاب خلاص. آمال لم تتحقق - أغنية تحكي عن مدينة قسنطينة التي يحبها. - كليب غنائي يتم تصويره أثناء تهاطل الثلج على قسنطينة. - المشاركة في فيلم غنائي. - سكن يأويه وزوجته وابنته منال ويوقف المشاكل العائلية. - الظهور على شاشة إحدى القنوات الفضائية على طريقة راغب علامة أو عاصي الحلاني. - القيام بحفلات ضخمة دون انقطاع لصالح المرضى واليتامى.