السؤال الأول: يقول صاحب السؤال: أنا متزوج وأب لعدة أطفال، أريد الزواج من امرأة أخرى، لكن زوجتي تمنعني من هذا وتهددني بالطلاق إن فعلت ذلك، فما هو حكم الشرع في هذا وبارك الله فيكم؟ * - أول ما ينبغي أن يعلمه أخي الكريم أن الزواج تعتريه - في حكمه الشرعي - الأحكام الخمسة المعروفة، فقد يكون واجبا في حق شخص (إن كان قادرا على الزواج وخشي على نفسه الوقوع في الحرام) وقد يكون ممنوعا في حق آخر (إن عجز عن الزواج والقيام بتكاليفه وأعبائه ولم يخش على نفسه) وبين هذا وذاك تفصيلات. * وثاني ما ينبغي أن يُعلم أن الزواج حق الرجل وحده فإذا شعر بالحاجة إليه لسبب من الأسباب - وهي كثيرة - كان له ذلك إذا قدر عليه ولم يضيّع حقا من الحقوق. * وأما ثالث ما ينبغي أن يعلمه أخي الكريم، هو حسن الموازنة والاختيار، فإذا كان في إقدامك على هذا الزواج تضييع لأسرة أو تدمير لها وتشتيت فأنت تكون حينئذ قد بحثت عن مصلحتك وحدك ولم يعنك ما بنيته منذ سنوات، والأولى من هذا وذاك أن تقنع زوجتك بالحاجة إلى هذا الزواج فتلبي رغبتك وتحافظ على بيتك وأسرتك، وكان الله في عونك، ووفقك لما فيه الخير والسداد. * * * السؤال الثاني: مشكلة تقع لنا في مسجد حيّنا كل سنة في رمضان وهي الجمع بين التهجد وصلاة التراويح، فهناك من يقول إن الذي يصلي التراويح لا يصح له التهجد، وأن الإمام الذي صلّى بالناس التراويح لا يصح له أن يصلي بالناس إماما في التهجد، والمشكلة دائما تتكرر كل سنة، فما هو الرأي الصحيح في هذه المسألة وبارك الله فيكم؟. * - أصل المشكلة في هذه القضية كلها ما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها حينما سئلت: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: »ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة« (أخرجه البخاري ومسلم). * قالت السيدة عائشة رضي الله عنها هذا الكلام وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين أنه صلى ثلاث عشرة ركعة وربما صلى أقل من ذلك، وحديث عائشة إنما هو وصف لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال العلماء، وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سُئل كما روى ذلك البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال: يا رسول الله كيف صلاة الليل؟ * فقال صلى الله عليه وسلم: »مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة توتر لك ما قد صليت« (البخاري ومسلم). وأنت ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحدد في قيام الليل - في رمضان ولا في غيره - ركعات معينة، والذي فهم هذا الإطلاق وعدم التعيين هو صحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين فقد صلوا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنهم بثلاث عشرة ركعة وصلوا أيضا بثلاث وعشرين. * وقد ثبت عن بعض السلف أنهم كانوا يصلون في رمضان ستا وثلاثين ركعة من غير ثلاث الوتر، وبعضهم يصلي إحدى وأربعين، حكى ذلك كثير من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال في فتواه الكبرى »والتراويح إن صلاها كمذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد: عشرين ركعة أو كمذهب مالك ستا وثلاثين أو ثلاث عشرة أو إحدى عشرة فقد أحسن كما نص عليه الإمام أحمد لعدم التوقيف«. ففي الأمر سَعَة ولا يصح أن نضيّق على الناس لرأي يراه أحدنا أو لترجيح يرجّحه، وإن أحب أحد أن يقتصر على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة فذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في التراويح أرفق بالناس، ولكن لا يصح أن نشنّع على من زاد على ذلك لفعل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وهم أعرف الناس بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان لهم أن يتركوها عدولا عنها إلى آرائهم، رضي الله عنهم أجمعين. * * السؤال الثالث: يقضي والداي النصف الثاني من رمضان في البقاع المقدسة لأداء العمرة إن شاء الله تعالى، وقد يطرح إشكال في يوم العيد، فقد تعوّدنا الاختلاف في الإعلان عن يوم العيد، فإذا بقي والداي في مكة إلى غاية يوم العيد وذلك أغلب الظن، وصادف أن كان في السعودية بيوم قبل الجزائر ولا نرجو أن يحدث ذلك فهل يفطر مع السعودية أم يتم مع بلده؟ * - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هلال رمضان: »إذا رأيتموه فصوموا، ثم إذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فأتموا ثلاثين، صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون« (أخرجه البيهقي، وهو من صحيح الجامع الصغير). والمعنى أن الإنسان يصوم بصوم عامة الناس ويفطر بفطرهم، وإذا كان ببلد فإنه يتبع ذلك البلد في صيامه وفطره ولو كان قد صام ثمانية وعشرين يوما فقط، وعليه قضاء يوم بعد ذلك وهذا لأن الشريعة الإسلامية إنما جاءت ليتوحدوا جميعا على عبادتها.