اعترفت الإدارة الأمريكية بتعذيبها للسجناء المسلمين من مختلف الجنسيات من بينهم جزائريون في إطار ما وصفته بالحرب على الإرهاب الدولي غداة أحداث 11 سبتمبر 2001. ففي جلسة أمام اللجنة الفرعية للكونغرس اعترف مسؤول سام في وزارة العدل الأمريكية ان إدارة الرئيس جورج بوش أعطت الضوء الأخضر للمخابرات الأمريكية باستنطاق المعتقلين، سواء أولئك الذين كانوا في سجون سرية أو حولوا الى سجن غوانتانامو بالقاعدة الأمريكية بكوبا.وقال ستيفين برادبوري في مداخلة أمام أعضاء لجنة الكونغرس، إن محققي المخابرات الأمريكية استعملوا "أساليب وتكتيكات غير مريحة وعادة مخيفة" ضد السجناء، لكن هذه الإجراءات الاستنطاقية، كما اضاف "لم تؤد الى إعاقات أو عاهات". وأوضح برادبوري الذي يشغل منصب رئيس مجلس الشؤون القانونية في وزارة العدل الأمريكية أن التعذيب الذي مارسته المخابرات الامريكية ضد السجناء الذين تم إلقاء القبض عليهم في أفغانستان وفي عديد من الدول "كان شرعيا".وأضاف المسؤول أن الإدارة الأمريكية هي التي حددت كيفيات استنطاق السجناء والموقوفين المشتبه في انتمائهم الى تنظيم القاعدة، وأغلبهم كانوا من الجزائريين والليبيين والسودانيين والسعوديين والافغان. وكان مسؤولون في الجيش الامريكي قد كشفوا أن ثمانية جزائريين تعرضوا ابتداء من أكتوبر 2001 للتعذيب في سجون سرية للمخابرات الامريكية تم اطلاق سراح واحد منهم فقط سنة 2006.السيد برادبوري أكد أن "إخضاع السجين الى الماء" كان من أساليب التعذيب التي استعملها أعوان "السي أي أي" عند استنطاق المعتقلين. ولم يحدد المسؤول الطريقة التي استعمل بها الماء في استجواب المسجونين في مراكز اعتقال تابعة للمخابرات واخرى كانت تحت رقابة الجيش الامريكي سواء في افغانسان أو في العراق. وكشف السيد برادبوري ان هذه الوسيلة استعملت في استجواب ثلاثة سجناء أحدهم جزائري لكنها - كما زعم - لم تشكل "خطرا عليهم، لان الماء لم يدخل الرئتين ولم يتعرضوا للاختناق"، وهو التبرير الذي عارضه عليه خبراء لجنة الكونغرس. مسؤولون في الادارة الامريكية اعترفوا ان السجناء الثلاثة تم استنطاقهم بهذه الطريقة في سجون سرية سنتي 2002 و2003. اعتراف المسؤول الامريكي أدهش ممثلي الجمعيات المدنية المدافعة عن حقوق الانسان التي كانت حاضرة في نقاشات الجلسة، حيث وصفت تصريحاته بالمفجعة، في حين نعتها أخرون بالمخزية.واعتبر مارتن ليديرمان المستشار السابق في اللجنة القانونية لوزارة العدل الامريكية ان ما قامت به "السي أي أي" والجيش هو تعذيب، رغم محاولات الادارة الامريكية تغيير المفاهيم، مؤكدا انه تم استعمال جميع وسائل التعذيب وليس الماء فقط.من جهته، وصف توم مالينوفسكي مدير مكتب واشنطن ليومان رايتس واتش تصريحات برادبولاري بالمضحكة، لانه، كما قال، لقد "قدم هذا المسؤول الطريقة التي يمكن بها لأي دولة في العالم ان تستنطق امريكيا دون ان تتهم بالتعذيب".وكانت الجزائري لعيد سعيدي، 44 سنة، قد كشف عن اختطافه وسجنه لمدة 16 شهرا في معتقل سري للمخابرات الامريكية وتعرضه لشتى انواع التعذيب طيلة هذه المدة. وكان سعيدي قد تم اختطافه من تنزانيا شهر ماي 2003 ثم نقل الى أفغانستان ليوضع في سجن في ضواحي كابول أكثر من سنة قبل ان يطلق سراحه ويعود الى الجزائر مرورا بتونس.وفي شهادة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز قال سعيدي ان اعوان "السي أي أي" كانوا يضربونه ويلقون الماء البارد على جسده ويبصقون عليه ويرغمونه أحيانا على شرب المياه القذرة. وكان ايضا السعودي مرواتن جبور الذي أطلق سراحه من احد المعتقلات السرية بأفغانستان قد كشف للصحافة بأنه ترك وراءه جزائريا اسمه ياسير تعرض للتعذيب وفي حالة صحية سيئة، في الوقت الذي أحصت الى حد الان المنظمات الحقوقية قائمة تتكون من 27 شخصا من بينهم 11 جزائريا تعرضوا للتعذيب في هذه السجون.