تزلزلت الجزائر مرة أخرى، الثلاثاء، على خبر هلاك عماد الدين في وهران، في الوقت الذي عاشت عائلته على أمل أن يكون مصيره مثل مصير أمين الذي أفرحت عودته كل الجزائريين. وبين الحزن والخوف صار مطلب الجميع هو تدخل الدولة والشعب لمسح الدموع، وبين هذا وذاك تغيرت الكثير من سلوكات المواطنين، حيث تفاجأ مديرو مختلف المدارس الابتدائية على وجه الخصوص في كل أنحاء الوطن، في الآونة الأخيرة، بالازدحام أمام مؤسساتهم، الذي سببته العشرات من السيارات، إضافة إلى شبه الاعتصام أمام المدارس ودور الحضانة، بسبب الوجود القوي للرجال والنساء، من أمهات وآباء حضروا بقوة أمام مختلف المدارس، بين مصطحب لابنه أو ابنته وبين منتظر لخروجه من المدرسة . وإذا كانت الظاهرة قديمة، فإن ما حدث وقد يحدث اليوم الأربعاء، تجاوز المعقول على حد تعبير أحد المديرين في إكمالية بقسنطينة، الذي قال إن عدد الأولياء صار أكثر من التلاميذ، على خلفية ما حدث للطفل أمين بالجزائر العاصمة وعماد الدين بوهران الذي وجد جثة هامدة، حيث انتقل الخوف هذه المرة من الأولياء إلى التلاميذ، لأنهم في العادة يشهدون في عمليات الاختطاف مصيرا محزنا، فتختفي الصور المتحركة للضحية، ولكنهم في قضية أمين تأثروا لصوره التي بثتها مختلف القنوات، وعرفوا أن أمين طفل مثلهم، وأصبح التلاميذ بما فيهم من هم في سن الضحية عماد الدين هم الذين يطلبون من أوليائهم أن ينتظروهم أمام باب المدرسة ودار الحضانة، فتنقل بعضهم إلى المدرسة رفقة أمه ووالده.
ووجد المديرون وحراس المدارس صعوبة في العمل، ويتساءل أساتذة عن السبب الذي جعل وزارة التربية لا تلتفت لهذه النقطة النفسية المعقدة، وتقترح مثلا درسا نفسيا أو محاولة لأجل منح الطمأنينة للتلاميذ الذين لم يتطرقوا خلال الأسبوع الماضي، إلا إلى قضية أمين وعودته سالما بعد أسبوعين من الرعب، وسيكون نفس الحال مع الضحية عماد الدين الذي فجعت به عائلته، التي أثرت في سلوك الكثيرين الذين صاروا ينظرون بخوف ورعب إلى كل رجل غريب يمر أمامهم، مطبقين تحذيرات أوليائهم ببراءتهم التي فيها الكثير من المبالغة.