كشف القاضي رزكار محمد أمين أول رئيس للمحكمة الجنائية الخاصة بمحاكمة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" بثت، السبت، عن ظروف وملابسات ودهاليز المحكمة والأسباب الحقيقية لاستقالته بعد الجلسة الثامنة. واعتبر القاضي رزكار، أن المخالفات القانونية التي شهدتها محاكمة صدام قد أثرت على سمعة القضاء العراقي وأضعفته وسببت عجزه عن مواجهة الفساد حالياً. وأشار رزكار خلال لقاءه في برنامج "قصارى القول" الذي يقدمه الإعلامي العراقي سلام مسافر على قناة "روسيا اليوم"، أن محاكمة صدام شهدت ضغوطاً لم تسمح باستمرارها بالشكل القانوني الصحيح ..مؤكداً إنه سعى إلى التصدي لهذه الضغوط التي كانت تمارسها أطراف سياسية وحاكمة في العراق بالرغم من أن الأمريكان هم من أنشأ المحكمة ومولها وساعد على إجرائها. وأوضح رزكار، أن المحكمة ارتكبت خرقاً قانونياً فاضحاً بإعدام صدام في ذلك الوقت، لأن القانون لا يجيز تنفيذ الحكم في العطل الرسمية والأعياد، بينما تم إعدامه في أول أيام عيد الأضحى، إضافة إلى عدم انتهاء المدة القانونية الواجبة للتنفيذ بعد صدور الحكم وهي 30 يوماً في خرق للمادة 290 من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي. وأضاف أن من الخروقات الأخرى ما تعرض لها المحامون من عمليات قتل واختطاف، مشيراً إلى أن القانون ينص على حق المتهم في توكيل أي محامي، لكن بعد بدء المحاكمة تم اغتيال قاض واختطف آخر وتم تهديد آخرين وهذا شكل مثلبة لمصداقية المحاكمة والأحكام التي أصدرتها. وأكد القاضي، أنه كان مستاء وليس راضياً عن هذه الممارسات وكانت إحدى أسباب استقالته كأحد قضاة المحكمة الجنائية العليا، لأن إجراء محاكمة من دون منح حق الدفاع فأنها بالتأكيد تكون غير عادلة. وأوضح أن تكبيل المتهمين وإدخالهم إلى قفص الاتهام بالأصفاد إجراء غير قانوني وكان يرفضه ويأمر بإزالتها عن أيديهم. وعن رأيه بقانونية المحاكمة، أوضح القاضي رزكار، إن هذه المحاكمة لم تضف أي إيجابيات إلى القضاء العراقي، كما أنها لم ترسخ مبادئ العدالة فظل القضاء العراقي متخلفاً وحصلت خروقات غير مقبولة من قبله. وأشار إلى أن القضاء العراقي لم يستفد مطلقاً من هذه المحاكمات وظل قضاء تقليدياً، لأن تلك المحاكمات كانت تهدف إلى إظهارها "كمحاكمة المنتصر للمهزوم" وليس تحقيق مبادئ العدل إضافة إلى أن جانب الثأر والانتقام كان سائداً على مجمل مجرياتها بدل إحقاق الحق والعدالة. وشدد القاضي رزكار في الختام على أن كل تلك الأسباب جعلت من القضاء العراقي بوضعه الحالي غير قادر على محاكمة أو محاسبة المفسدين، وهذا دليل على عدم ترسيخ مبادئ القضاء وجعلته عاجزاً عن مواجهة الانتهاكات الإنسانية والفساد بقوة. وأكد إن انتهاكات حقوق الإنسان في السجون والمحاكم العراقية حالياً كثيرة وهناك محاكمات غير عادلة في جانبها الجزائي.. ولذلك فإن على السلطات القضائية إعادة النظر بالقضاء العراقي والعمل على إرجاع هيبته ليعود كما كان قوياً تاريخياً وله باع طويل في تطبيق العدالة.