سجلت مصالح مديرية الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بولاية غرداية زهاء 819 حالة للحمى المالطية "بروسيلوز" عند الإنسان، منذ مطلع السنة الجارية عبر مختلف مناطق الولاية، الذي عرف تزايدا مقلقا لحالات الإصابة بهذا الداء النادر ببلدان حوض البحر المتوسط. وتم التكفل بمجموع المصابين بهذا المرض الحيواني بالهياكل الصحية المنتشرة عبر تراب الولاية، حيث أصبحت حالتهم الصحية في مأمن عن الخطر، حسب تصريح مسؤول الوقاية بمديرية القطاع الصحي الدكتور الطاهر سماش ل"الشروق". وفي السياق ذاته، أوضح ذات المسؤول أن هذه الحالات تسبب فيها الاتصال المباشر مع المواشي واستهلاك الحليب الطازج، أو المنتجات المصنعة منه، لا سيما منها ما يعرف بالجبن التقليدي "الكماريا" وهو الجبن الذي يكثر استهلاكه في أوساط سكان المنطقة. وقد تجاوزت حالات الإصابة بالحمى المالطية المسجلة في الشهر الجاري، مجموع الإصابات المسجلة خلال ال 03 سنوات الأخيرة ب 427 حالة في 2015 و277 حالة في 2014 و116 حالة في 2013 حسب إحصائيات مديرية الصحة. وتعد الحمى المالطية مرضا معديا تتسبب فيه البكتيريا التي تصيب بعض الحيوانات الأليفة والإنسان بفعل العدوى، التي تحدث بسبب الاتصال المباشر مع الحيوان المصاب أو من خلال شرب حليب طازج غير مغلي أو استهلاك أجبان وغيرها من المواد المنتجة المشتقة من حليب الحيوان المريض. ومن جهتها، ذكرت مصالح البيطرة ل"الشروق" تسجيل 80 حالة لدى قطعان الأبقار على مستوى 13 بؤرة بكل من غرداية، زلفانة، القرارة، بريان، متليلي، المنيعة.. منذ مطلع السنة الجارية، موضحة أن عملية الكشف تجري حاليا في أوساط قطعان الماعز والأبقار والأغنام والإبل بهدف اللجوء إلى الذبح الصحي للمواشي المصابة وكذا تطويق انتشار ذات المرض الحيواني. وسجلت هذه الإصابات بعد استعمال تيس حامل للبكتيريا في عملية التزاوج استنادا إلى بياطرة المصالح الفلاحية بغرداية، مؤكدين في نفس الوقت أن مجموع المواشي يخضع دوريا لاختبارات مصلية بغرض الكشف عن هذا الداء. وحسب التحقيقات الوبائية التي أطلقت من قبل ذات المصالح الطبية، في حالات الإصابة بداء الحمى المالطية تعود إلى عدم الاحترام والتقيد بقواعد النظافة الصحية، ورفض بعض المربين تلقيح مواشيهم بدعوى أن التلقيح يتسبب في إجهاض المواشي الحوامل، والاستعمال المنتظم للعديد من المربين لمخصب ذكري حامل للبكتيريا خلال فترات التكاثر. ويعد بيع الحليب غير المعقم للأبقار والماعز والناقة في حالته الطبيعية بقارورات مياه معدنية وانعدام المراقبة والردع ضد تجارة بيع الحليب الطازج غير الموسوم العامل المشكوك فيه إلى جانب بيع الجبن التقليدي المعروف محليا ب"الكمارية" الأكثر إقبالا عليها من قبل سكان المنطقة على الطرقات العمومية، السبب الرئيسي في هذا الارتفاع المحسوس للإصابة بذات الداء الخطير. ويسود اعتقاد خاطئ لدى المستهلكين بمنطقة غرداية بأن من مميزات الحليب الطازج أنه منتج مطهر بشكل طبيعي، يتوجب شربه دون اللجوء إلى غليه مما تسبب في ارتفاع حالات الإصابة بالحمى المالطية لدى الإنسان، فيما يرى ممارسو الصحة بالولاية أن الحليب الطازج ومشتقاته التي تباع دون وسم عليها، تثير شكوكا حول مصدرها ومدى نظافتها صحيا، داعين المستهلكين إلى تجنبها، لأنها غير مراقبة كما هو الشأن بالنسبة إلى الحيوان، الذي أنتجها وتتسبب في انتقال كل أمراضها، فضلا عن انعدام شروط النظافة أثناء الجمع والحفظ والنقل. وعليه شدد أحد الأطباء المختصين، على ضرورة غلي الحليب حتى وإن كان معبأ في أكياس معقمة، مشيرا إلى أن الحليب الذي يكون مصدره حيوانات مريضة يتسبب في نقل الجراثيم المسؤولة عن المرض إلى الإنسان على غرار السل والحمى المالطية. ويرى أن بيع حليب على أنه معقم وهو حليب لم يتخلص من كافة الميكروبات المسببات للمرض، ويحمل موافقة قانونية هو أمر في غاية الخطورة.