دقّت العديد من فعاليات القطاع التربوي، بالجنوب الكبير، من نقابات القطاع وأولياء الأمور، والأساتذة وحتى التلاميذ.. ناقوس الخطر بخصوص عملية إجراء الامتحانات الرسمية، وحتى الفصلية الثالثة للموسم الدراسي الحالي، بسبب الارتفاع الكبير والشديد لدرجات الحرارة، الذي يطبع المنطقة الجنوبية للوطن على مدار أكثر من خمسة أشهر كاملة، بما فيها شهري ماي وجوان المهمّين في المشوار الدراسي، لأكثر من 8 ملايين تلميذ على المستوى الوطني، منهم 1,5 مليون تلميذ بالولايات الثلاثة عشر الجنوبية. ...200 ألف مشارك في الامتحانات النهائية حيث نجد أن ولايات الوادي، إليزي، ورقلة، تمنراست، أدرار، تندوف، الأغواط، غرداية، بسكرة، بشار، البيّض والنعامة.. ينتظر أن يشارك فيها أكثر من 200 ألف تلميذ بالامتحانات الرسمية الوطنية، من امتحان نهاية التعليم الابتدائي "سانكيام" امتحان شهادة التعليم المتوسط "بيام" وامتحان شهادة التعليم الثانوي "بكالوريا"، والتي ستجرى بتواريخ محددة وطنيا على كامل القطر، للموسم الحالي 2015/2016 وبالترتيب في 21 ماي 2016، من 24 إلى 26 ماي 2016، ومن 29 ماي إلى 01 جوان 2016 على التوالي، حسب القرار الوزاري المعدّل لوزيرة القطاع نورية بن غبريت، وهي مواعيد في الأسابيع الأولى من فصل الصيف حسابيا، والذي يلتهم كل من فصلي الربيع والخريف فعليا في الجنوب! مما يجعل معظم أشهر السنة من أفريل إلى أكتوبر تدخل في مجاله، إلا أن تربويا يعد شهرا ماي وجوان خارج مجال التغطية دراسيا، بسبب الارتفاع الكبير لدرجة الحرارة فيهما لما يقارب ال 50 بالمائة تحت الظل، وتصل حتى 60 بالمائة تحت أشعة الشمس الحارقة في الظهيرة، والتي يُجبر فيها التلاميذ بالعودة لإجراء الامتحانات للفترة المسائية، بداية من الساعة الثالثة ظهرا، أين تكون بلدات ومدن الجنوب خالية على عروشها من أي حركة بشرية أو تجارية، أو أي وسيلة نقل. واقع يدخل تلاميذ الجنوب في حالة من الرعب، للالتحاق بمراكز امتحانهم البعيدة عن مقر سكناهم، أو مبيتهم للتلاميذ القادمين من خارج المدن، خاصة الإناث منهم واللاتي يشكلن أكثر من 60 بالمائة، من مجموع المشتركين، مما يفرض تجند كل أسرة المترشح، طيلة أيام الحرب بين ابنهم ضد امتحانه المصيري من جهة، وضد غضب الطبيعة القاسي في هذه الفترة من جهة أخرى، إضافة إلى خطر الضربات الشمسية لرؤوسهم، خاصة أن عيادات مراكز الامتحان، تشهد كل موسم عشرات الحالات من هذه الإصابات، والتي لا محالة تؤثر على صحة ونفسية المترشح، وتضيّق عليه في الوقت القانوني لمواد الامتحان، ممّا يؤثر بصورة كبيرة للتحصيل والنتائج الدراسية لتلاميذ الجنوب، وهو ما يظهر في النتائج الهزيلة للولايات الجنوبية، والتي تتذيّل الترتيب كالعادة للنتائج العامة للامتحانات الرسمية، بجميع ولايات الوطن، إضافة إلى أن إحصائيات النتائج الممتازة للتلاميذ، في هذه الامتحانات الرسمية عبر تاريخ البلاد يخلو بشكل شبه تام من أسماء لتلاميذ من جنوب البلاد!. ... مؤسسات تتمرد على القرارات بسبب الظروف المناخية هذه المخاطر المجتمعة، بسبب قساوة المناخ الصحراوي، دفعت بالعديد من المؤسسات التربوية بالجنوب، لعدم التقيد بأوامر التعليمة الوزارية رقم 239/003/15 بتاريخ 09/11/2015، والتي تُعطي الرُّزنامة القانونية الوطنية لمواعيد الاختبارات الفصلية، للموسم الدراسي الحالي 2015/2016 ومنها اختبارات الفصل الثالث، والتي كانت من المفروض أن تجرى بالنسبة للتعليم الابتدائي، ابتداء من 2 جوان 2016 لسنوات الأولى، الثانية، الثالثة والرابعة ابتدائي، أمّا السنة الخامسة ابتدائي فيكون ابتداء من 22 ماي 2016. وبالنسبة للتعليم المتوسط ابتداء من 31 ماي 2016 لسنوات الأولى، الثانية والثالثة متوسط، أمّا السنة الرابعة متوسط فيكون ابتداء من 22 ماي 2016، وبالنسبة للتعليم الثانوي ابتداء من 29 ماي 2016 لسنوات الأولى والثانية ثانوي، أمّا السنة الثالثة ثانوي فيكون ابتداء من 22 ماي 2015، حيث ستجرى الامتحانات الفصلية الثالثة في الغالبية العظمى من المؤسسات التربوية في الجنوب الكبير، بداية من يوم الأحد 8 ماي 2016، بداية هذا الأسبوع، رأفة بتلاميذها من غضب المناخ الصحراوي. وهذا بعلم مصالح مديريات التربية الولائية التابعة لها، والتي يبدو أنها متضامنة معها، ضد تبعات الحرارة الشديدة للمواعيد الأصلية، ولو بسكوتها عن هذا التحّدي، فيما تبقى مواعيد الامتحانات الرسمية مستحيلة الكسر والتحدّي بتاتا، بسبب الطابع التنظيمي الوطني الرسمي لإجرائها، والتي سيدفع ضريبتها التلاميذ المترشحين وأطقم الحراسة والإدارة لا محالة. وفي ظل هذه الأوضاع، أصبحت فعاليات المجتمع في الجنوب الجزائري، تطالب وأكثر من أي وقت مضى، من السلطات الوزارية بالتربية، أو حتى السلطات العليا الحاكمة بالبلاد، بمراعاة الظروف المناخية الصعبة، السائدة صيفا بالمنطقة الجنوبية للبلاد، والتي تشكل أكثر من 84 بالمائة من مساحة البلاد، وأقل من 10 بالمائة من تعداد السكان. والعمل على تغيير مواعيد الامتحانات الرسمية، ليتلاءم مع توقيت مناسب مناخيا لتلاميذ الجنوب، حيث يعد شهر أفريل جد مناسب لإجرائها في جو ربيعي معتدل، حتى ولو تم اللجوء لإجراء الامتحانات الرسمية، بتواريخ مختلفة بين الشمال والجنوب وهذا كلّه من أجل إعطاء أكثر عدالة بين تلاميذ البلد الواحد، هذه العدالة الغائبة حاليا حتى إشعار وطني آخر. ... الضغط يُجبر الوزارة على تغيير مواعيد الامتحانات عدة مرات وقد أدّى كل هذا الضغط المناخي، عقب التحديد الوزاري الوطني لمواعيد الامتحانات الفصلية، والرسمية الوطنية خلال شهري ماي وجوان المتزامنة مع الحرارة الشديدة للصيف وحلول شهر رمضان المعظم، إلى وقوع أحداث مؤسفة خلال الأيام الماضية، مسّت بعض ولايات الجنوبكورقلة وأدرار.. والمتمثلة في خروج التلاميذ إلى الشارع، وغلق مقار مديريات التربية، ورشقها والعديد من المؤسسات التربوية بالحجارة، ممّا استدعى تدخل قوات مكافحة الشغب، وأجبر المصالح الوزارية على مراجعة تواريخها، غير المنصفة بتاتا لسكان الجنوب، أين تقرر تعديل رزنامة اختبارات الفصل الثالث للموسم الدراسي الحالي 2015/2016، وفق منصوص المراسلة الوزارية رقم 742 بتاريخ 27/04/2016، أين تم تقديم موعد الامتحانات الأخيرة لجميع المستويات الدراسية في كل الأطوار، خلال الأسبوعين الأولين لشهر ماي الحالي، في إجراء ترقيعي يلبي قليلا رغبة تلاميذ الجنوب ولو مؤقتا.. وليعقبه تدخّل إعلامي لوزيرة القطاع نورية بن غبريت، نهاية شهر أفريل المنصرم، أين أعطت كل الحرية للمؤسسات التربوية من أجل العمل ببرنامج توقيت خاص بها للامتحانات الفصلية الأخيرة، والذي حتما سيغني عن الكثير من المعاناة والصعوبات التي يعاني منها في الأصل تلاميذ الجنوب، إذ أصبحت سنة تربوية متّبعة في كامل المواسم الدراسية الحالية والقادمة.