خلفت مناقشة مجلس النواب الموريتاني للاتفاقية المبرمة بين الشركة الجزائرية للمحروقات »سوناطراك« والحكومة الموريتانية زوبعة برلمانية، بسبب صياغة هذه الاتفاقية باللغة الفرنسية. أحد نواب المجلس التشريعي الموريتاني علق ما جرى بين سوناطراك الجزائرية وحكومة بلاده بالقول: »قد نتفهم وإن كنّا لا نقبل، أن تصاغ الاتفاقيات التي تربطنا بدول غير عربية بلغات أجنبية، لكن ما المبرر في أن تكتب اتفاقياتنا مع شركات جزائرية باللغة الفرنسية«.الزوبعة طرحت إشكالا آخر يتعلق بتراجع الاهتمام باللغة العربية. فموريتانيا التي عرفت تاريخيا ببلاد المليون شاعر باتت تشكو هذه الأيام وعلى لسان عدد من نواب البرلمان من تراجع الاهتمام بلغتها الأم، رغم أن الدستور ينص على أن العربية هي اللغة الرسمية للبلاد. ولم يدع البرلمانيون المدافعون عن اللغة العربية في موريتانيا فرصة تحت قبة المجلس التشريعي إلا استغلوها للتحذير مما آل إليه حال اللغة ومطالبة السلطات العمومية بوضع حد له. وكانت جلسة البرلمان الأخيرة خطوة في هذا الاتجاه، رغم أنها كانت مخصصة للمصادقة على اتفاقية اقتصادية بين موريتانيا والصين، حيث تفجر الجدل نظرا لأن الاتفاقية قدمت في شكل نسختين فقط إحداهما باللغة الصينية والأخرى باللغة الفرنسية، الأمر الذي أثار سخطا شديدا لدى بعض النواب.وقد استبد الغضب بالنائب الموريتاني الخليل ولد الطيب، فأقسم على أنه لن يصوّت على هذه الاتفاقية ولا على غيرها من الاتفاقيات إلا إذا تم عرضها باللغة العربية، فموريتانيا بالنسبة له ليست »دولة من جزر الواقواق«. ورغم أن موقف هذا النائب دفع بنواب آخرين إلى مناصرته والوقوف معه، فإن آخرين رأوا فيه »وقوفا عند شكليات لا أكثر«، فيما طالبت النائب عن الأغلبية الحاكمة من النائب ولد الطيب بالعدول عن قراره وتكفير يمينه، قبل أن تتطوع بدفع تكاليف الكفارة، لكن الرجل أصرّ على التشبث بموقفه، ممتنعا عن التصويت وبرّ بيمينه.النائب المتدخلة السيدة »بنت مكيه« بررت موقفها بقولها، إن اللغة العربية في نظرها أقدس وأبقى من أن تتأثر بألا يكتب بها قانون، أو توقع بها اتفاقية اقتصادية من هذا القبيل، غير أن النائب مولاي ولد إبراهيم رأى أن اللغة العربية باتت تنقض عروة عروة.واستنكر هذا النائب ما أسماه بتنامي ظاهرة الدورات التكوينية في اللغة الفرنسية المنظمة من طرف الدولة الموريتانية للمسئولين السامين، في حين لم تنظم دورة واحدة للغة العربية لصالح غير المتحدثين بها، رغم أنها اللغة الرسمية للبلاد.أحد النواب علق ساخرا وساخطا بقوله: »سيتم التوقيع على هذه الاتفاقية وتحتفظ الصين بنسخة مكتوبة بلغتها الصينية، أما نحن فسنحتفظ في أرشيف دولتنا بنسخة مكتوبة باللغة الفرنسية«.