شرع المنتفعون من أموال الاستحقاقات الانتخابية، في التحرك تحسّبا لموعد الربيع المقبل، وذلك باللعب على وتر مصداقية الانتخابات، لدفع وزارة الداخلية إلى العودة لتشكيل لجنة وطنية ولجان ولائية وبلدية لمراقبة الرئاسيات المقبلة، في وقت تبددت فيه المطالب بحضور مراقبين أو ملاحظين دوليين للإشراف على العملية الانتخابية. * وجاءت هذه المطالب بعد أن تيقن أصحابها أن وزارة الداخلية والجماعات المحلية، ماضية في تكريس إجراءات تنظيم الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي اعتبرت الأولى من نوعها في تاريخ التعددية السياسية في الجزائر، التي لم تشهد إنشاء لجنة سياسية وطنية لمراقبة الانتخابات، تضم مختلف الأحزاب السياسية مثلما سبق العمل بذلك. * ومن بين الأحزاب التي رفعت هذا المطلب، حزب عهد 54، الذي وجه زعيمه فوزي رباعين، المرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، رسالة إلى رئيس الجمهورية، يدعوه من خلالها إلى العودة للعمل باللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات، لدفعها لكل ما من شأنه أن يقود إلى التشكيك في نزاهة الرئاسيات المقبلة، التي لم يعد يفصلنا عنها سوى حوالي ثلاثة أشهر. * ومعلوم أن اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات، تحولت في منظور الطبقة السياسية في البلاد، إلى فرصة للاغتراف من خزينة الدولة، بالكيفية التي سبق العمل بها، الأمر الذي دفع بالكثير من الأحزاب السياسية المعروفة بمحدودية تمثيلها وانتشارها، تنتظر هذا النوع من المواعيد والاستحقاقات، كي تخوض فيها، ليس بدافع السباق من اجل الوصول إلى السلطة، بالرغم من أن ذلك يبقى أهم أهداف الأحزاب، ولكن من أجل تفادي تفويت فرصة الاستفادة من مبالغ مالية معتبرة، بدليل تجارب الاستحقاقات السابقة، التي كشفت أن اللجان المستقلة لمراقبة الانتخابات، حولتها بعض الأحزاب إلى سجلات تجارية، من خلال بيع تفويضات التمثيل لمواطنين لا يمتون بصلة سياسية للأحزاب التي يتقدمون باسمها للجان المراقبة. * وتكشف الأعباء التي تكبدتها الخزينة العمومية باسم لجان مراقبة الانتخابات لسنة 2004، مدى ثقلها، بحيث وصل ما كان يتقاضاه العضو الواحد في اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات، إلى 100 مليون سنتيم مضروبة في عدد الأحزاب السياسية المعترف بها، وذلك في مدة لم تتجاوز الشهر ونصف، ولكم أن تتخيلوا عدد الأعضاء، وكذا رئيسها الذي يستفيد بدوره من امتيازات لا تخطر على البال. * أما أجرة العضو في اللجنة الولائية، فبلغت ستة ملايين سنتيم، موزعة على 48 ولاية مضروبة في عدد ممثلي الأحزاب، وثلاثة ملايين بالنسبة للممثلين على مستوى البلديات البالغ عددها 1541 بلدية، ولكم أن تتخيلوا الفاتورة الإجمالية. * هذا، وساهمت المساعدات التي تقدمها الدولة للمترشحين لرئاسة الجمهورية، الذين يتمكنون من جمع ال 75 ألف توقيع، والمقدرة ب مليار و500 مليون سنتيم، شهية المتصيدين لمثل هذه المواعيد، ومما زاد من انفتاح هذه الشهية، قانون الانتخابات المعدل، الذي لا يعترف بشرعية تمثيل الحزب، بدليل أن مبلغ المليار ونصف، لا يصب في حساب الحزب وإنما في حساب الشخص المترشح حتى وإن كان قد تقدم باسم حزبه وبطريقة ديمقراطية.