لفتت دراسة أمنية أعدتها مصالح الشرطة حول ظاهرة الهجرة غير الشرعية في الجزائر، الى بروز شبكات دولية آسياوية مختصة في تنظيم رحلات سرية في السنوات الثلاث الأخيرة على خلفية توقيف العديد من المهاجرين غير الشرعيين غرب وجنوب البلاد يحملون جنسيات باكستانية، هندية وبنغالية. * وأشارت الدراسة الى أن هؤلاء المهاجرين الآسيويين يدفعون أحيانا أكثر من 3 آلاف أورو بالنسبة للصينيين الذين يعجزون عن الدخول الى الجزائر بتأشيرة، بينما تتجاوز تكاليف الرحلة بالنسبة للمهاجرين من بنغلادش 4000 دولار، ويميل الفارق أكثر الى الحصول على جواز سفر مزور مالي كونه يتضمن الإعفاء من التأشيرة وذلك مقابل 4000 دج. * توصل تحقيق أمني أعده محافظ الشرطة مهدي بن شريف، مكلف بمشروع الديوان المركزي لمكافحة الهجرة السرية حول شبكات الهجرة السرية، الى أن الآسيويين يدخلون التراب الوطني غالبا بطريقة شرعية عن طريق الجو، وذلك عبر المطار الدولي هواري بومدين، وبحوزتهم تأشيرة دخول أو تأشيرة سياحية أو تأشيرة عمل، خاصة في ظل توافد اليد العاملة الصينية على الجزائر بشكل لافت على ورشات البناء في الجزائر في السنوات الأخيرة ليستقروا بعدها نهائيا بعد انقضاء مدة صلاحيتها، لتتوصل الدراسة إلى أن "الهجرة الصينية في الجزائر في بلدنا تبدأ بطريقة شرعية، ثم تتحول الى هجرة سرية بعد انقضاء المهلة المحددة للإقامة". * * 1000 أورو تسبيق للحصول على جواز سفر صيني * * أما بالنسبة للصينيين الذين لم يوفقوا في الدخول الى الجزائر بطريقة قانونية، فتتكفل بتمريرهم شبكات مختصة في الهجرة السرية مقابل مبلغ إجمالي يقدر ب3 آلاف أورو، حيث يلزم الراغب في الهجرة غير القانونية الى إيداع "تسبيق" يقدر ب1000 أورو مقابل الحصول على جوازسفر وتأشيرة الدخول وتذكرة ذهاب وإياب، حيث يتنقل الى غاية مدينة نيامي بالنيجر، وهناك تتكفل مجموعة أخرى من الشبكة بالتكفل بإيواء المهاجر مقابل 2000 أورو الى حين برمجة رحلة باتجاه مالي أو موريتانيا ومنها الى الجزائر عبر الحدود عبر مناطق مركلة، أم العشائر بتندوف، ليتم التنقل بعدها الى مناطق الشمال خاصة العاصمة. * وتعتمد ما وصفته الدراسة ب"الشبكة الهندية" نفس المسار، حيث ينطلق المهاجرون الهنود من مطار بومباي للوصول باتجاه مقاديشو أو ميناء جيبوتي، ثم تبدأ بعدها الرحلة البرية مرورا بكل من دول إثيوبيا، السودان، تشاد، النيجر، مالي، موريتانيا باتجاه تندوف الجزائرية. * أما الشبكة البنغالية فالمسار يكون، حسب الدراسة، جوا من مطار دكا الى باماكو أو دبي بالإمارات العربية المتحدة، للإتجاه نحو الدارالبيضاء المغربية، ويقوم مهرب بنغالي بتنظيم الرحلة الى باماكو، وهناك يتكفل مهرب من جنسية مالية بإتمام المهمة بنقل المهاجرين الى غاية مدينة مغنية بتلمسان مرورا بغرداية، وقدر التحقيق تكاليف الرحلة ب4000 دولار(...)، وقد تعكس قيمة هذه الرحلات خلفيات بروز مهربي البشر. * * 10 بالمائة من قيمة الحوالات توجه لمهربين جزائريين من تمنراست * * ولم تغفل الدراسة الحديث عن المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة النازحين الى الجزائر بالآلاف سنويا، حيث يتنقل هؤلاء الى الجزائر انطلاقا من مالي ويتخذون غالبا قرية "شبريس" كممر وهي محاذية لمدينة تين زواتين بتمنراست، لكن الجديد في التحقيق الذي نشرت مجلة "الشرطة" في عددها الأخير أجزاء منه، أن هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين أصبحوا يتنقلون من الحدود عبر سيارات رباعية الدفع ملك للتوارق وذلك مقابل 3 آلاف دج ويكون ذلك في "موكب" يضم من سيارتين الى أربع، تتقدمه سيارة استطلاع مجهزة بهاتف رقمي من نوع "ثريا" لترصد تحركات حرس الحدود والجمارك. * ويتم إنزال المهاجرين على بعد 50 كم من مدينة تمنراست، حيث يتحصنون في الكهوف والمغارات الجبلية قبل استئناف الرحلة ليلا سيرا على الأقدام، فيما يقوم عدد من المهاجرين العاجزين عن تسديد التكاليف الاتصال بأبناء جاليتهم المتواجدين، خاصة في وهران، العاصمة، عنابة الذين يقومون بدورهم بتوجيههم الى جزائريين مقيمين بتنمراست لتمكينهم من الحصول على حوالات بريدية على حسابهم الجاري الخاص أو عن طريق البنك وذلك مقابل نسبة 10 بالمائة من المبلغ المحول، وتستعمل هذه الأموال، حسب التحقيق، في الحصول على جوازات سفر مزورة مقابل 4000 دج، ويميل الأغلبية الى جواز سفر مالي نظرا لإعفاء حامله من تأشيرة الدخول الى الجزائر.