تنفق الجزائر سنويا ميزانية ضخمة لمواجهة ملف الهجرة السرية، خاصة خلال عمليات ترحيل الرعايا نحو بلدانهم، ورغم كل الجهود التي تبذلها السلطات الأمنية لمحاربة الآفة، إلا أن أفواج المهاجرين من مختلف بقاع العالم نحو الجزائر لاتزال تتدفق الى التراب الوطني بمساعدة شبكات دولية مختصة في التجارة البشرية، فحسب معلومات أولية فإن الجزائر شهدت موجة غير طبيعية من الهجرة السرية. حيث بلغ عدد المهاجرين منذ بداية سنة 2007 الى غاية شهر سبتمبر حوالي عشرة آلاف مهاجر، خمسة آلاف منهم أودعوا الحبس المؤقت فيما طرد الباقي نحو بلدانهم الأصلية، وتشكل الحدود الجزائرية الجنوبية أكبر بوابة للمهاجرين غير الشرعيين، أين يتم توقيف حوالي خمسين بالمائة منهم في ولايتي تمنراست واليزي. ظاهرة لم تعد تقوى على مواجهتها الجزائر بمعزل عن التعاون الإقليمي والدولي كما يحدث في بعض البلدان المجاورة، كما أن الحكومة الجزائرية ترفض الحلول اللاإنسانية التي تقترحها بعض الدول الأوروبية كإقامة محاشر بشرية للمهاجرين السريين أو ما يطلق عليها بمراكز العبور، فمنذ سنة 2002 بلغت أرقام المهاجرين السريين الى الجزائر حسب تقارير مصالح الدرك الوطني أكثر من 33 ألف مهاجر من 53 جنسية مختلفة، تكفلت السلطات المحلية بنقل أكثر من 27 الفا و500 مهاجر نحو بلدانهم، بينما تم توقيف حوالي 4000 مهاجر بتهم مختلفة متعلقة بالتزوير وحيازة المخدرات وارتكاب جرائم النصب والاعتداءات على المواطنين. ويشكل المهاجرون من دولة النيجر أكبر نسبة من ناحية عدد الموقوفوين على التراب الجزائري خلال السبع سنوات الماضية، حيث بلغ عددهم أكثر من 12 الف مهاجر سري يليهم المهاجرون الماليون بأكثر من 7000 مهاجر اضافة الى عدد كبير من الجنسيات الأخرى خاصة الآسياويين والمغاربة. فحسب حصيلة الدرك الوطني فإنه تم توقيف أكثر من 2600 رعية مغربية و434 تونسية منذ 2002 واكثر من 1600 مهاجر من جنسية سورية يقومون بالحفر غير الشرعي لآبار المياه في الجزائر. ويذكر أن أغلب المهاجرين لا يستقرون في الجزائر، بل يتخذونها دولة عبور نحو بلدان أوروبا. وتشير الاحصائيات أن هناك أيضا مهاجرين أوروبيين وإن كانوا بأعداد قليلة، لكنهم يدخلون الجزائر بطرق غير قانونية منهم رعايا فرنسيين وبريطانيين وبلجيكيين واسبانيين وهم مهاجرون تثار حولهم الكثير من التساؤلات والشبهات، فمنهم من يحترف سرقة الآثار أو التجسس. والمثير في ملف الهجرة في الجزائر التزايد الملفت للانتباه لأعداد المهاجرين الآسياويين، خاصة من الهند وبنغلاديش وباكستان، حيث تم توقيف أكثر من 1000 رعية من الجنسيات الثلاث منذ 2002 الى غاية 2007. ويذكر أن الصراعات السياسية في الدول الافريقية ساهمت مؤخرا في زيادة أعداد المهاجرين المتوافدين على مدينة تمنراست، حيث استقر في حدودها عدد كبير من الإيفواريين والمهاجرين التشاديين والليبيريين الهاربين من الموت والمجاعة، ومن المحتمل أن تؤثر حالة اللااستقرار الأمني في هذه الدول سلبا على مساعي الجزائر في مواجهة ملف الهجرة السرية، حيث لم تستطع التعزيزات الأمنية المفروضة على الحدود الجنوبية من منع المئات من المهاجرين من اختراق الحدود والوصول الى أول معبر لهم في ولاية تمنراست. ليلى مصلوب