لا زالت بلدية البرمة الحدودية مع الجارة تونس والتابعة جغرافيا لولاية ورقلة الواقعة على بعد 420 كلم، تعاني من ويلات التهميش والعزلة والنقائص المسجلة بالجملة منذ أزيد من ربع قرن، بالرغم من الأموال الكبيرة وعشرات الشركات البترولية العاملة في منابع النفط بهذه الجهة. كما لم يظهر للجباية البترولية أي أثر في الواقع حسب تصريحات الأهالي ل "الشروق اليومي" أثناء زيارتنا لهم للوقوف على حجم المعاناة اليومية، وما يزيد الأمر حيرة وغرابة هو أن البلدية المذكورة تملك من المال ما لم تظفر به بلديات أخرى في كبرى الولايات، إلا أنها ظلت متخلفة ولم يشفع لها تعاقب عدد من رؤساء المجلس الشعبي البلدي للقفز إلى الأمام والخروج من دائرة البؤس، حيث بقيت على نفس الوتيرة تسير بخطى سلحفاة.ويرجع العديد من المتابعين ذلك كونها تقع في جهة صحراوية حدودية تشكو من نقص وسائل النقل والإمكانيات، فهي بحاجة إلى تنمية شاملة ومرافق تعيد لها الاعتبار. ومن بين المشاكل التي ينادي السكان بتذليلها إيجاد مناصب عمل للشباب البطال وتمكينه من الاندماج، فحالة العوز والإقصاء والبحث عن فرص للتشغيل في بيئة قاسية شكلت ظروفا يصعب وصفها، في وقت يتوافد المئات من العمال من خارج المنطقة للعمل بالمؤسسات النفطية المختلفة، مما خلق فوارق ملموسة، طالما تحدث عنها البطالون. وإلى جانب إحساس الفئة ذاتها بالإحباط واليأس والعيش بين الكثبان الرملية وتضيع الوقت، فإن الفلاحين ومربي الإبل فقدوا الثقة في الإدارة بسبب تكبّدهم خسائر وهلاك الثروة الحيوانية في الآبار التي تخلفها الشركات الوطنية بداعي تباطؤ تشميعها، ناهيك عن نقص الماء والكلأ، رغم الرسائل التي رفعت لمديرية الفلاحة والمصالح المعنية لتحريك هذا الملف.ويعتبر الفشل الذريع في استصلاح الأراضي وعدم الاكتفاء الغذائي من التراكمات التي عجّلت بتنقل بعض العائلات نحو مواقع ثانية بعاصمة الولاية أو الوادي بحثا عن الاستقرار وتأمين المستقبل، كما أن من بين الأوليات المطروحة اعتماد صيدلية لاقتناء الأدوية المزمنة، وإيجاد حل لقضية التسرب المدرسي وهجرة المعلمين، والمطالبة بخدمات نوعية وإنجاز مراكز للترفيه، والإسراع في ربط العقارات بشبكات الغاز الطبيعي ومياه الصرف الصحي وتسهيل الحصول على السكن الريفي، فضلا عن تحسين وضعية الطريق الوحيد من ترسبات الرمال، إذ غالبا ما تتسبب في عزل السكان.