علمت "الشروق اليومي" من مصادر متطابقة عن فتح تحقيق في قضية وفاة أربعة أطفال في شهر نوفمبر الماضي بالمركز الإستشفائي لمكافحة السرطان "بيار ماري كوري" تحوم حولها شكوك كبيرة أرجعت سبب الوفاة إلى تناولهم لدواء "إيفوسفاميد" "IFOSFAMIDE " من صنع المخبر الهندي "أوكازا" "OKASA". * * *مصدر طبي للشروق: الدواء مسمم وتأثيراته خطيرة * * ويخشى خبراء الصحة الذين بلغهم صيت هذه الحادثة من تفاقم الوضع وزيادة عدد الوفيات دون معرفة الحقيقة ونتائج التحقيق الذي أكدّت مصادرنا أنه انطلق منذ حوالي شهر على مستوى المركز الإستشفائي لمكافحة السرطان "بيار ماري كوري" وما زالت لحد الآن لم تظهر نتائجه منذ نوفمبر. * وأكدّ مصدر رسمي من مركز مكافحة السرطان "سي بي أم سي" ل"الشروق اليومي" أن هذا الدواء مسمّم وأن أعراضه جد خطيرة، مضيفا أن المخول الرئيسي للحديث عن ما إذا تسبب فعلا في وفاة الأطفال الأربعة هو مخبر مراقبة الأدوية "pharmacovigilence "، وأفاد أيضا أنه وراء تحريك القضية وأنها الآن بين ايدي وزارة الصحة، وعلمنا أيضا أن الدكتورة "ل.ن" هي المكلّفة بالتحقيق على مستوى مخبر "فارماكو فيجيلونس". * * مديرية الصيدلة منحت تسريحا لجلب هذا الدواء * وقالت مصادر متطابقة أن هذا الدواء دخل السوق الجزائرية على خلاف ما ينص عليه القانون، في وقت كان قد صرّح فيه مدير الصيدلة بوزارة الصحة خلال حصة تلفزيونية بُثّت على الفضائية الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية "sur le vif" في 16 نوفمبر الماضي أن المنتجات الصيدلانية المستوردة لا يمكنها أن تدخل الجزائر إذا لم تكن مسجلة في برامج الاستيراد، وأن الصيدلية المركزية للمستشفيات وحدها لها صلاحية منح ترخيص مؤقت لاستيراد المنتجات الصيدلانية. * في سياق ذي صلة، أمضى مدير الصيدلة بتاريخ 21 جويلية 2008 على ترخيص لاستيراد 15نوعا من الأدوية المضادة للسرطان تابعة لمخابر "provivo" تحت رقم 510 بعد التقييم الذي قدّمه المخبر الوطني لمراقبة المنتجات الصيدلانية، من بينها دواء "ifosfamide " الذي جلبت منه لحد 1199علبة حسب ما تثبته الرخصة التي تحصّلنا على نسخة منها، وبرأي المتتبعين فإن هذه الرخصة لا أساس لها من الصحة لأنها لا تتعلق لا برخصة تسجيل ولا برخصة مؤقتة للإستعمال وهو ما يثير تساؤلات حول كيفية دخولها للجزائر ومراقبتها جمركيا ولماذا لم يتم سحبها من السوق؟. * والأسوأ ما في الأمر أنه تم الترخيص لبيع هذا الدواء بنفس سعر الدواء الأصلي رغم أنه مصنف ضمن الأدوية الجنيسة وبالتالي كان من المفروض أن تنخفض عن السعر الأصلي بحوالي 40بالمائة، في حين يقدر سعره ب1526.90دج للعلبة الواحدة. * * طريقة التغليف لا تراعي المقاييس * تبيّن طريقة التغليف التي تظهر عليها صورة هذا الدواء أنها مخالفة تماما لشروط وقواعد التغليف الدولية والمنصوص عليها في دفتر الشروط الذي أعدّته وزارة الصحة ما يثير شكوكا أخرى، حيث أن الدواء عبارة عن أكياس دُوّن عليها اسم الدواء IFOSFAMIDE "ومن أسفل الكيس دُوّن إسم المخبر الذي هو من أصل هندي "OKASA" والدواء عبارة عن "بودرة" تشبه مادة الفرينة. * ويخالف هذا الدواء مواصفات ومقاييس دفتر الشروط المتعلق باستيراد الأدوية والذي يحمل صفحتين من الجريدة الرسمية. * * وزارة الصحة لا تجيب! * تنقّلنا إلى وزارة الصحة يوم الثلاثاء الماضي وأبلغنا سكرتيرة المكلّف بالإعلام بضرورة مقابلة المسؤول الإعلامي لنشر هذا التحقيق في أقرب الآجال لكنه كان مشغولا وبما أننا لم نتحصل على موعد من قبل فقد اكتفينا بترك الرسالة (محتوى الموضوع الذي ذهبنا من أجله) للسكرتيرة مع أرقامنا الهاتفية لتبليغها للمسؤول الإعلامي من أجل ضبط موعد مع المعنيين بالأمر، وتنقلنا لرؤية مدير الصيدلة على مستوى الوزارة لكن هو الآخر لم يكن موجودا برد سكرتيرته. * انتظرنا لكن لا أحد اتصل بنا ما دفعنا لمعاودة الإتصال أمس بخلية الإعلام حيث تفاجأنا بعدم إبلاغ رسالتنا إلى المسؤول الإعلامي-حسب السكرتيرة_ وحاولنا الإتصال بمدير الصيدلة لكن الموزع الهاتفي كان يرن ولا أحد ردّ علينا * وبين أخذ ورد تبقى صحة المواطن الجزائري عرضة للخطر بسبب أدوية يجهل مصدرها، مع العلم أن عديدا من صانعي الأدوية بالجزائر مازالت ملفاتهم حبيسة الأدراج بمديرية الصيدلة بوزارة الصحة منذ سنوات. * وتؤكد مصادرنا أيضا أن هذه الشركات تقترح نفس أدوية مخبر OKAZA بأسعار منخفضة، لكن المديرية الفرعية المكلفة بالصيدلة الإستشفائية بوزارة الصحة كانت قد صرحت للصحف الوطنية أن الأدوية مسجلة لكنها غير مرخصة للتسويق وهو ما يتناقض مع الواقع كون الدواء المسجل مرخص للتسويق.