الحراقة من مغامرة البحر الى السجون لاحظت المصالح الأمنية، ممثلة في قوات خفر السواحل، وحدات الدرك الوطني وفرق الأمن الوطني، تراجعا محسوسا لظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي كان يقودها عشرات الشباب نحو كل من اسبانيا غربا وايطاليا شرقا، انطلاقا من عدة نقاط معزولة وأخرى مكشوفة بالشريط الساحلي الجزائري. * وبحسب تقارير أمنية للجهات المختصة، فإن شهري جانفي وفيفري من العام الجاري قد سجلا (صفر) حالة حرڤة سواء على متن الزوارق المطاطية والقوارب الخشبية، أو على متن البواخر التجارية، إذ خلت هذه الفترة من أي محاولة للهجرة غير الشرعية انطلاقا من نقاط (الظل) المعروفة كقواعد خلفية لتنظيم وقيادة قوافل الهجرة غير الشرعية (الحرڤة)، وذلك خلافا لنفس الفترة من العامين الماضيين، التي سجلت خلالها الجهات المسؤولة عدة عمليات "حرڤة" تم على إثرها توقيف عشرات الشبان والشابات بكل من السواحل الشرقية والغربية للبلاد، وأشارت تقارير مصالح الأمن إلى أن الظاهرة قد سجلت تراجعا ملموسا، خلال الفترة الأخيرة، أرجعته مصادرنا إلى التعزيزات الأمنية المكثفة التي فرضتها القيادة العامة للقوات البحرية الجزائرية، من خلال تدعيم وحداتها بالعدة والعتاد الذي مكن في ظرف وجيز من بسط سيطرة مطلقة، على المياه الإقليمية الجزائرية، تجسدت في رصد أي حركة لقوارب الهجرة غير الشرعية، الأمر الذي مكن من إيقاف وصد عديد من محاولات الحرڤة في فترات غير متباعدة، مما شكل هاجسا لدى شبكات تهريب "الحراڤة"، بسبب فشلها في تنظيم رحلات ناجحة على غرار ما كان يتاح لها سابقا، ثم إن تدعيم وحدات خفر السواحل بزوارق المتابعة ذات السرعة الفائقة وطائرات المروحية شل نشاط مثل هذه العصابات ومكنها في عديد من المرات من وضع يدها على بارونات التهريب، الذين تم إيداع العشرات رهن السجن، وأضافت مصادر تشتغل على هذا الملف الذي كثيرا ما كان مشكلة حقيقية تقض مضجع الحكومة الجزائرية، بأن التنسيق الأمني بين وحدات حراس السواحل من جهة ومصالح الدرك وعناصر الشرطة من جهة أخرى، قد مكن في أكثر من مناسبة من تفكيك شبكات صناعة قوارب الهجرة غير الشرعية، مشيرة إلى أن مصلحة البحث والتحري بأمن ولاية عنابة قد تمكنت منذ أسابيع من تفكيك شبكة تنشط في هذا المجال تم بموجبها توقيف 6 أشخاص وحجز عشرة قوارب كانت موجهة لتهريب الحراڤة، كما تمكنت الفرقة من توقيف أحد أكبر بارونات التهريب والزج به في السجن، مشيرة إلى عمليات مماثلة لمصالح الأمن بعدة ولايات بغرب البلاد، وإن كان ذات المصدر قد أكد على فعالية هذه التعزيزات ونتائجها الميدانية، فإنه أشار إلى أن للوضعية الجوية التي ميزت شتاء الجزائر خلال هذا العام دور آخر في هذه المعادلة، مضيفا بأن الأخبار المتداولة الواردة على صفحات الجرائد الوطنية والدولية والوضعية السيئة التي يتواجد عليها المهاجرون غير الشرعيين التي تتناقلها وسائل الإعلام، قد ساهمت في إحجام كثيرين من الشباب على مغامرة الهجرة السرية غير المحمودة العواقب، سيما وان آخر الأخبار تؤكد وجود 2000 "حراڤ" مفقود كنتيجة حتمية لمحاولات الهجرة غير الشرعية خلال عامي 2007/2008، وثمن ذات المصدر حركة الوعي التي بدأت تدب في نفوس مئات الشباب على اعتبار أنهم كانوا يعتبرون من البلدان الأوروبية الجنة الموعودة، إلا أن مثل هذه الأحلام بدأت تتبخر بفعل الدور الذي لعبته الصحافة الوطنية، في إبراز المأساة التي يتخبط فيها عشرات المهاجرين غير الشرعيين بمراكز الحجز والمعتقلات بكل من ايطاليا واسبانيا.