إن المتمعن للنساء المسؤولات ببلدي يجد أن لا فرق بينهن وبين عوالم شارع محمد علي المصري، خاصة بعد أن جندت لهن الدولة القوانين وجهّزت لهن كراسي السلطة والسيادة... * فبدلا من أن يستغللنها في تغيير واقع المرأة سعين إلى التنافس على حبّ الظهور والتميز والتألق الأنثوي المقزز، فصرن بذلك مستعرضات من النوع الرفيع يؤدين "شطحات فولكلورية ناجحة". * ولم تستطع الحركات النسوية والمنظمات والأحزاب المنضوية تحت قبعات الأنوثة أن تضمنّ ولادة طبيعية كريمة لحوامل "الدشور" ولا متابعة صحية عالية النوع، ولا إقناع المثقفات على الأقل بأن يفرّقن بين تبعيتهن الزوجية للرجال والتبعية الفكرية التي قيّدت المشهد الثقافي ببلدنا وصارت البارزات فيه تتراشقن التهم والقدح على الفضائيات مثلما تفعل جارات جاهلات. * وعجزت الفاعلات بمجتمعنا عن تقليد الملكة ديانا في عطفها ونزولها للطبقات الكادحة في الحياة، أو بينازير بوتو في نضالها المستميت للوصول إلى قلب الشعوب لا إلى أصواتهم الانتخابية، ومن أجل ذلك ماتت السيدتان اغتيالا، فيما تحيا المتحرّشات بالسياسة عندنا حياة الملوك، لا يعكر عيشهن صراخ محتاجة ولا دمع مظلومة. * وفيما تتشدق القانونيات بالحقوق الجديدة للمرأة، تسير النساء في الجزائر العميقة نحو التقوقع على أنفسهن والرضا بما كتب لهن، فإن يبقين تبعا لرجل واحد وقدر واحد خير لهن من أن يتشتتن بين مطالب المتاجرين بأسمائهن لكنز الذهب والفضة على صهوتهن. * ولعلّ كثيرات ممن تهرولن في أروقة السياسة قد أدركن منذ فترة هذه الحقيقة، لذا فهن يسعين للتلوّن وفتح الأحضان للمغلوب على أمرها وسط المتربصين بها. * فما أحوجنا وسط هذا الواقع المرير إلى أن نرثي أنفسنا مع حلول كل ثامن مارس، وأن نضرب كفا بكف قبل أن تستغفلنا استعدادات الرجال إلى إقامة الحفلات للضحك على سذاجتنا بوردة!