هل بإمكان الاقتصاديات المغاربية أن ترى يوما تطورها يعتمد أساسا على الاستثمارات المباشرة الأجنبية؟ تشير الأرقام المتوفرة إلى أن هذا الاعتماد، في الوقت الراهن، ضعيف من ناحية الكمية وقليل الفعالية من حيث النوعية. وتسلط دراسة حول الاستثمارات المباشرة الأجنبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أنجزها مركز الدراسات المتوسطي، الضوء على مدى استقطاب المغرب العربي لهذه الاستثمارات، مشيرة إلى حالة الجزائر وواقع الاستثمارات المباشرة الأجنبية فيها. من يستثمر في شمال إفريقيا؟ نلاحظ بأن الاستثمارات المباشرة الأجنبية في البلدان الأربعة في شمال إفريقيا، المغرب والجزائروتونس ومصر، هي نتاج الشركات الكبرى متعددة الجنسيات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث تفيد الدراسة سالفة الذكر بأن الجزائر ومصر يستقطبان الشركات متعددة الجنسيات، في حين تهتم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالمغرب وتونس. وقد يُفسّر استقطاب شمال إفريقيا للاستثمارات المباشرة الأجنبية بحجم السوق. فالسوق الجزائرية والمصرية، من خلال حجمهما الكبير، تجلبان أكثر فأكثر الشركات متعددة الجنسيات، في حين تستقطب كل من السوق المغربية والتونسية، الأقل حجما، المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. تبدو أن سنة 2005 كانت فأل خير على الاقتصاديات الأربعة. ومقارنة مع باقي بلدان المنطقة، فإن الجزائر على عكس ما نعتقد تحظى بمكانة لا بأس بها، حيث حظيت بأكثر من 3 ملايير أورو من الاستثمارات المباشرة الأجنبية في 2005، وهو مبلغ كبير.والمؤسف في الأمر ألاّ تكون الصناعةُ النشاطَ الذي يستقبل الاستثمارات المباشرة الأجنبية وهي أحوج القطاعات إليها، وأن تكون أساسا من نصيب قطاعي الطاقة والاتصالات. وفيما يخص المشاريع، فقد سجل كل بلد تطورات، حتى وإن كان الأمر يتعلق خصوصا بإنشاء وحدات مصغرة، ف75 بالمائة من المشاريع المنجزة تشغّل كل واحد منها 150 عاملا. عدد المشاريع المنجزة الاستثمارات الفرنسية: تتعلق الاستثمارات الفرنسية في المنطقة أساسا بإنشاء فروع للشركات الكبرى وعمليات شراكة، حيث استثمرت الشركات الفرنسية 560 مليون أورو في المغرب سنة 2005 ، و5.4 مليون أورو في مصر و259 مليون أورو في الجزائر و130 مليون أورو في تونس.والملاحظ، هنا، أن الجزائر، بالنظر إلى حجم سوقها وإمكاناتها وقدم علاقاتها الاقتصادية مع فرنسا، هي البلد الذي يستقبل أقل مبالغ من هذه الاستثمارات على عكس ما تدعيه السلطات الفرنسية. أما فيما يتعلق بالمشاريع فتتصدر فرنسا قائمة الاستثمارات الأجنبية في الجزائر ب28 مشروعا، مقابل 9 مشاريع أمريكية و5 مشاريع مصرية.وتتعلق الاستثمارات الأمريكية والمصرية، أقل عددا لكنها أهمّ، بقطاعي المحروقات والاتصالات على وجه الخصوص، فيما ترتبط المشاريع الفرنسية بالتوزيع الكبير والقطاع البنكي.ومن المهم أن نشير في هذا المقام إلى أن الجزائر هي في الوقت الراهن بلد يستقبل استثمارات البلدان العربية على غرار الكويت والسعودية ومصر، وهي البلدان التي تمثل لوحدها نصف مجموع الاستثمارات المباشرة الأجنبية لعام 2005.وإذا ما أخذنا في الحسبان المشاريع الكبرى التي أعلنت عنها الشركة الإماراتية الكبرى في قطاعات السياحة والصحة والبحث والتكوين، يمكن أن نؤكد مظاهر حقيقية لاستقطاب الجزائر لمستثمرين، خاصة العرب منهم. (*) ترجمة: إيمان بن محمد