البطالة أهم تحدي امام الحكومة القادمة ثلاثة ملفات تعتبر الأعقد بالنسبة لأي مسؤول مهما كان حجمه، وتعتبر الأهم على الإطلاق بالنسبة للسواد الأعظم من الجزائريين... رهان بحجم رهان الشغل والسكن والأجور، كفيل بأن يشغل بال كل مواطن، فما بالك إذا كان هذا المجتمع يضم أزيد من 70 بالمائة من نسبة الشباب. * هذه الملفات كانت أهم الوعود التي أطلقها المترشحون الستة وشكلت وقود حملتهم الانتخابية، بالنظر الى حجم الإغراء الذي تحمله هذه الوعود.. هذه العهود هي نفسها التي تكررت، في كل رئاسيات الجزائر المستقلة، فهل ستكون الخماسية القادمة 2009 - 2014 محطة كفيلة بغلق هذه الملفات، وتحديدا هل يوجد وصفة معينة لحل معضلة البطالة وتفكيك شفرة أزمة السكن، وعلاج عضال الأجور والقدرة الشرائية التي أنهكت الجزائريين؟. * إذا كانت الخمس سنوات القادمة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال فحري بنا أن نقف عند الاقتراحات المقدمة لتسوية هذه الملفات المفتوحة منذ أمد بعيد، فرئيس الجمهورية المنتهية ولايته، والمترشح الأوفر حظا للعهدة الثالثة عبد العزيز بوتفليقة، قدم ورقة طريق لضمان تسوية يقول إنها نهائية لمشاكل السكن والبطالة، ويرى الحلول في مراجعة الأجر الأدنى الوطني المضمون المقدر في الوقت الراهن ب 12 ألف دينار، كما يقترح إنجاز مليون وحدة سكنية إضافية لبرنامج المليون وحدة التي شكلت أحد تعهداته في العهدة الثانية، بالإضافة الى الالتزام باستحداث 3 ملايين منصب شغل، نصفها قار ونصفها مؤقت، وكان لبوتفليقة أن أكد خلال حملته الانتخابية أن ثلاثة أرباع مشكلة البطالة سويت ولم يبق منها سوى الربع. * آخر إحصائيات لوزارة السكن تقول إنها تمكنت من توزيع أزيد من 800 ألف وحدة سكنية خلال الخمس سنوات الماضية، ووعدت بإقفال السنة بتسليم أزيد من مليون وحدة سكنية، وبالرغم من أرقام وزارة السكن يظل الطلب مضاعفا بعشرات المرات مقارنة بالعرض، رقم المليون وحدة المسلم لم يف الغرض، ويبقى الطلب قائما خاصة بين أوساط شريحة الشباب، غير أن برنامج مليون وحدة أخرى يعد برنامجا واعدا، ومغر بالنسبة للشباب المتطلع للاستقرار، خاصة عندما يكون هذا الالتزام موصولا بغلاف مالي يقدر ب 150 مليار دولار، كفيل بتغطية تكلفة إنجاز مشروع المليون سكن الجديد. * القدرة الشرائية للمواطن والأجور تظل دائما الشغل الشاغل لأي مواطن جزائري يرتضي العيش الكريم، كما يعتبر أعقد ملف على طاولة مسؤول دولة 98 بالمائة من مواردها المالية مرهونة بعائدات ثروة زائلة، أي مداخيل المحروقات، على اعتبار أن كل المقاربات الاقتصادية تتفق في هذا الإطار وواضحة، ولا تستدعي بذل الكثير من الجهد، فأي مراجعة أو زيادة في الأجور يفترض أن تخضع لثلاثية نسبة التضخم، ونسبة النمو الاقتصادي، وكذا معدل الإنتاجية، هذه المقاربة كانت المطية التي ركبها الوزير الأول أحمد أويحيي في شهر فيفري 2006، ليبرر رفضه مراجعة الأجور قبل أن يرحل من قبل بوتفليقة، ويتقرر مراجعة الأجور بقرار سياسي، وبالرغم من أن إعادة النظر في منظومة الأجور وقانون الوظيف العمومي، وصياغة بعض القوانين الأساسية، والتي يفترض أن تحكم أي زيادة في أجور المستخدمين، فإن بوتفليقة فضل أن يعلن زيادة مرتقبة في الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون، وإن كانت هذه الزيادة ستمس شريحة صغيرة فقط ممن أجورهم لا تتعد ال 12 ألف دينار، فالعديد من القراءات ذهبت الى إمكانية اعتماد 15 ألف دينار كأجر وطني أدنى، وإن ذهبت تصريحات زعيم دار الشعب عبد المجيد سيدي سعيد الى أن بوتفليقة وعد برفعه الى 20 ألف دينار. * استحداث 3 ملايين منصب شغل لا يعتبر أمرا هينا، غير أنه التزام يزرع الطمأنينة في نفوس الشباب، وإن ذهبت الإحصائيات الرسمية الى أن الدولة وفرت أزيد من مليوني منصب شغل في العهدة السابقة، من إجمالي 6 ملايين منصب شغل، قال بوتفليقة إنها استحدثت منذ 99، غير أن الطلب على الشغل ما زال قائما والسوق يعاني الندرة في العرض، في انتظار ما تحمله الحكومة في جعبتها من حلول لإنعاش استراتيجيات تشغيل الشباب.