تهريب الغبل..استنزاف آخر للثروات الوطنية تحتل ولايات الجنوب الشرقي للبلاد المرتبة الثانية وطنيا في مجال تربية الإبل، حيث تشير الإحصائيات بهذه المناطق إلى تواجد ما لا يقل عن 100 ألف رأس من الأنعام تتمركز في مجال الرعي بولايات غرداية، ورڤلة، أدرار وتمنراست عبر مسافة تجاوزت ال 50 ألف كلم. * * وقد أدخلت هذه المسافة الشاسعة التي يصعب فيها تحرك قطعان الإبل المعروفة بسيرها لآلاف الكيلومترات بحثا عن الماء والكلاء، معظم المربين لهذه الثروة الحيوانية في مشاكل لم يستطيعوا التغلب عليها خصوصا وأن الحكومة حسب رأي هؤلاء قد سحبت يدها من ملف تربية الأنعام على غرار قطاع المواشي على أوسع نطاق وذلك لما أفرزته إعادة هيكلة المؤسسات العمومية ما أنتج في نظرهم حل المؤسستين المختصتين في التمويل العام للموالين، بمناطق الجنوب والسهوب والتكفل بتقديم يد العون في المتابعات الصحية لهذه الثروة الحيوانية في السنوات السابقة. * ويؤكد السيد بن الشيخ أحمد ممثل الجمعية الجهوية لمربي الإبل بالجنوب الشرقي أن مشاكل هذا القطاع في سنوات النار التي جعلت عموم العاملين بهذه الحرفة يتخلون عن أملاكهم خوفا من عواقب التحرك في مجال الرعي الممتد على مسافة لا تقل عن ال 50 ألف كلم معظمها في مناطق خالية بغية متابعة قطعان الإبل المعتمدة على نظام السبي البدائي في مرعاها بالإضافة إلى سنين الجفاف التي شهدتها هذه المناطق والتي جعلت البعض يفكر في التخلي عن تربية هذه الفئات الحيوانية التي أصبحت حسب الموال عبئا عليهم نظرا لغلاء معيشتها التي كلفت المربي في العديد من المناسبات دفع أموال باهظة جعلته يعتمد على قدراته الذاتية 100 بالمائة. * وتعتمد مناطق الجنوب الشرقي وجزء كبير من ولايات الجنوب الغربي بنسبة 80 بالمائة في لحوم الإبل خاصة منها ما يسمى في الأسواق المحلية بلحم "المخلول" وهو صغير الناقة الذي يعتبر عند البدو الحلقة الرئيسية في الحفاظ على تكاثر هذا النوع من الحيوانات، وقد دق بشأنه ممثلي الجمعية الجهوية لتربية الأنعام ناقوس الخطر وذلك لما سينجرعن الإسهاب في نحر هذه الفئة من الإبل باعتبار أن المخلول يندرج عند البدو الرحل ضمن السلسلة الابتدائية لعمر الإبل، فإذا نحر أو ذبح المخلول فئة الأنثى في هذه المرحلة حدث اختلال في الدورة الطبيعية لعملية المحافظة على الناقة الولود. * وفي ذات السياق، أعطت تأكيدات أحد رؤساء المصالح الفلاحية بولاية غرداية انطباعا خطيرا عن الأرقام التي سجلت مؤخرا في انخفاض عدد النوق بمناطق الجنوب، وفي سؤال طرحته "الشروق" عن سبب تفشي هذه الظاهرة جاءت تصريحات ذات المصدر مغايرة تماما لما أبداه لنا المربون ،حيث أن المربين أنفسهم يتعمدون نحر الناقة في عمر ال 5 سنوات لأن حجمها في هذا السن، حسب محدثنا، يلفت أنظار أصحاب الذمم الضعيفة أو ما أسموهم بشبكات سرقة الإبل التي توسع مجال نشاطها المشبوه بالجنوب. وفي ذات السياق، أشارت تقارير حديثة لفرق الدرك الوطني ومراكز الجيش المتقدمة بهذه المناطق، أن تحرك هذه الشبكات قد امتد إلى المناطق الحدودية أين توسع انتشارها مؤخرا في المدن الصحراوية الوسطى كورقلة غرداية والوادي من أجل تمويل شبكات الحدود برؤوس الماشية وقطعان الإبل ذات السلالة الجيدة، أين أصبحت تعرف بشبكات سرقة وتهريب الثروة الحيوانية نحو دول الجوار، فمن شبكات الغرب الجزائري يقول أحد أعضاء الجمعية الجهوية للمحافظة على الأنعام إن النزيف الحقيقي لثروة الأنعام المهربة نحو الدول الأوربية مرورا بالمغرب إلى الحدود الشرقية هي المسوؤلة لحد الساعة على استنزاف السلالة الجيدة لروؤس الماشية في الجزائر ككبش أولاد جلال وخروف المشرية الذي وصلت لحومه إلى أسواق اليهود بإسرائيل انتهاء بشبكات التهريب التي بدأت تغزوا مدن الجنوب بعد احترافها نقل السلالة العربية الأصيلة من الإبل نحو دول الخليج مرورا بدول كتونس ومصر أوتقديمها إلى أسواق اللحوم بالجنوب عن طريق مذابح حكومية هي اليوم حسب عديد المربين في قفص الاتهام جراء ما تردد على لسان البدو الرحل من أن إبلهم المسروقة تنحر في مذابح الحكومة وأمام مرأى الجميع وبدون تدخل ولو شكلي للسلطات المحلية بهذه الأقاليم والتي يفترض بها أن تكون على علم مسبق بما يحدث في هذه المنشأة العمومية المسيرة وفق قوانين واضحة. * ويطالب مربو الإبل من وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى فتح ملف تربية الإبل الذي أصبح في نظرهم شائكا بما فيه الكفاية والمضي من خلال ذلك نحو رفع الستار عما يجري بهذا القطاع الهام من إهدار للقدرات الاقتصادية والاحتياط الوطني للثروة الحيوانية. *