تتجه مؤشرات التحقيق في قضية رهبان تيبحرين بالمدية، إلى جنوح السلطات القضائية والحكومية في باريس، نحو المتهم الرئيسي والتقليدي في هذه القضية وهو "الجماعة الإسلامية المسلحة" (الجيا )، مثلما كشفت عنه التحقيقات الأولية عقب الحادثة مباشرة، وكذا الشهادات التي أدلى بها مسؤولون أثناء الحادثة. * * فقد بينت شهادات سابقة لمسؤولين فرنسيين في تلك الفترة، تم الكشف عنها، أن الاتهامات التي أعيد توجيهها للسلطات الجزائرية بالضلوع في هذه القضية، لا تستند إلى أرضية صلبة، بدليل التقرير الذي أصدره السفير السابق بسفارة فرنساالجزائر، هوبير كولين دوفيرديار، والذي سبق له وأن أدار خلية الأزمة إبان الحادثة، على مستوى قصر الكي دورسيه (الخارجية الفرنسية). * دوفيرديار وفي خلال جلسة الاستماع أمام القاضي المكلف بهذا الملف، شدد على أهمية ومصداقية الفرضية التي تحمّل تنظيم (الجيا) مسؤولية اختطاف، ثم تصفية رهبان تيبحرين السبعة، في مارس 1996، الأمر الذي يمكن اعتباره تطورا حاسما، من شأنه أن يرسم معالم التحقيق الذي يقوم به القاضي تريفيديتش، المقبل على الاستماع لشخصيات كانت توصف بالمهمة في تلك الفترة، وذلك لمواجهة الشهادة المثيرة للجدل، التي فجرها الملحق العسكري السابق بسفارة فرنسابالجزائر، فرانسوا بوخفالتر نهاية الشهر المنصرم. * رئيس ديوان وزير الخارجية السابق، هيرفي دوشاريت، وأمام القاضي أكد أن مضمون الخبرة التي أنجزت في إطار التحقيق، يصب في خانة الفرضية التي تحمّل "الجيا" المسؤولية، وفي هذا الإطار أوردت يومية "لوفيغارو" الفرنسية، أن كولين دوفيرديار، قال إن الفرضية السالف ذكرها، يؤكدها انتقال "مبعوث" إلى سفارة فرنسا، يسمى "عبد الله"، تولى مهمة تبليغ البيان رقم 43 للجماعة الإسلامية المسلحة التي تعلن من خلاله مسؤوليتها في الحادثة، قبل أن يطلب من السفارة، الحصول على رقم هاتف في فرنسا من أجل رفع مطالب الخاطفين إلى السلطات في باريس، غير أنه وبعد 23 يوما نزل البيان رقم 44 ل "الجيا"، حسب المتحدث، يعلن ذبح الرهبان السبعة. * وتصب هذه الشهادة المنسوبة لمسؤول كبير في الحكومة الفرنسية سابقا، في خانة التوجه الجديد الذي أبان عنه للساسة في باريس، وفي مقدمتهم الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الذي أطلق في البداية تصريحات نارية ألهبت الساحتين السياسية والإعلامية في كل من الجزائر وباريس، لاسيما عندما قال بأن "العلاقات بين الدول الكبرى، لا يمكن أن تبنى على الأكاذيب"، قبل أن يتراجع عن هذه التصريحات بعد ذلك بيوم واحد، ليؤكد بأن السلطات القضائية والسياسية في باريس، يعتبرون أن بيان الجماعة الاسلامية المسلحة، الذي يعلن تبني الجماعة الإرهابية مسؤوليتها في الحادثة، هو منطلق التعاطي مع هذه القضية التي لازالت تراوح مكانها في أروقة العدالة.