* صفقة بمليون أورو وتسويق 500 علبة عبر مستشفيات ك"حقل تجارب" شرع معهد باستور بالجزائر في عملية توزيع محاليل الكشف المخبرية "رياكتيف" الخاصة بتحاليل الدم، منذ حوالي أسبوعين، على عدد من المستشفيات بعد ما عانت الوحدات المخبرية من ندرة دامت أكثر من ثلاثة أشهر، قبل أن ينفد المخزون مجددا.. * غير أن مصادر مخبرية مطلعة على كيفيات استخدام تلك الكواشف، صرحت ل"الشروق" بأن هناك استهانة بقيمة الكواشف ومدى فعاليتها باللجوء مباشرة لبيعها للمستشفيات من دون إخضاعها للمعاينة والتطبيق المخبري التجريبي في الجزائر ومن دون تأشير المخبر المركزي بالمعهد على عملية التوزيع. * ومن بين المؤسسات الاستشفائية التي سوق لها المنتوج الجديد، حسب ما أكدته نفس المصادر، مستفشيات سطيف، قسنطينة، عنابة، وهران، الجزائر، المركز الوطني "سي أن لام أس"، مستشفى أمراض القلب بشوفالي بالعاصمة، والتي زودت بالمحاليل، منذ أسبوعين، وينتظر أن تعطي النتائج، هذه الأيام، وحسب أحد المخبريين الضالعين في ميدان الكشف عن الدم بتلك المحاليل، فإنه في حالة تسجيل نتائج سلبية فإن الخسارة ستكون كبيرة من الناحية المادية، وستضطر المخابر المتواجدة عبر تلك المستشفيات بإعادة العمليات وإرغام المرضى على الخضوع لنزع الدم مجددا، كما أن سوء تشخيص المرض لنزلاء المستشفيات سيكون أعمق في احتمال تسجيل أخطاء طبية من خلال التشخيص المخبري، كما أن الصفقة ستكون محل هدر وتبديد للمال العام من الخزينة العمومية. * وأفادت مصادرنا أن الشركة الفرنسية الممونة بمحاليل الكشف، استهانة بالطرف الجزائري ولم تتبع إجراءات التسليم، بمنح ما يسمى "بانال" أو المتابعة ولا مطالبة المعهد بالحاجيات والنقائص في التطبيق، بحكم أن الكاشف الجديد المسمى "بيوراد" لم يستخدم من قبل في الجزائر، ولم تكلف المؤسسة المصدرة للمحاليل نفسها عناء بعث عينة لتجريب المحاليل، حيث أن قيمة الصفقة في المجمل بلغت حوالي مليون أورو، وفي دفعة أولى تم جلب 500 علبة من فئة 96 وحدة، بقيمة مالية قدرها 200 ألف أورو، وقد أعطى المدير العام أمرا يقضي ببيع تلك المحاليل الخاصة بالكشف للمستشفيات رغم معارضة خبراء المخابر وبدون تصريح من قبل مصلحة مراقبة الجودة. * ويذكر بأن قانون الصفقات العمومية المطبق، يحدد سقف 600 مليون سنتيم لمنح صفقة بالتراضي، وهو ما يعادل حوالي 50 ألف أورو كأقصى حد، وفوقها تتم العملية وفق مناقصة وطنية ودولية مفتوحة، وهو الأمر الذي لم يتم بالنسبة لاقتناء الكاشف الجديد، وفي إشارة لهدر المال العام، طالبت المديرية التجارية للمعهد من الممون السابق، حسب وثيقة تلقينا نسخة منها، حصة 720 ألف عينة كأدنى حد و900 ألف عينة كأقصى حد من منتوج "أش أي في"، وما بين 760 ألف إلى 950 ألف من منتوج "أش بي اس"، وما بين 580 ألف الى 725 ألف عينة من "أش سي في"، و ما بين 660 ألف إلى 825 ألف عينة من "تي بي اش أ"، و112.7 ألف إلى 140.875 ألف عينة من "أر بي أر"، وهي محاليل الكشف "سيرولوجي" التي تستخدم لمدة زمنية تصل إلى ثلاث سنوات، في حين طلبها مكتب الصفقات للمديرية العامة للمعهد لمدة سنة واحدة. * من جهة ثانية، قال أحد الممونين - الذي تعهد بجلب تلك التحاليل لسنوات طويلة وهي المحاليل التي زود بها المعهد لمدة فاقت 30 سنة- أن قرار وقف العقد القاضي بضمان التموين كان مفاجئا ومن طرف واحد، حيث ألغى المدير العام الجديد العقد مع 02 من الممونين الذين كانوا يتعاملون مع شركة ألمانية وأخرى هندية، واتجه المدير العام نحو المؤسسة الأم بفرنسا. * من جهة أخرى، يمنع خروج محلول جديد من دون مراقبة، كما يشار الى أن منظمة الصحة العالمية تجبر على الاختيار بين منتوجين مختلفين لإتمام الصفقة، في ذات الإطار، مع تأكيد نتائج الكاشف، وأكد مصدر موثوق ل "الشروق" أنه من بين المحاليل الثلاث التي وزعت يوجد اثنان، غير مطابقين، وهما "أش سي في" و"اش أي في" من قبل المخابر المكلفة بمراقبة الجودة، حيث أن الجزائر لم تستعمل على الإطلاق هذه المواد، والممون الفرنسي لم يرسلها رغم أنه يدرك جيدا انه يجب توفير "البنال" المحدد قيمة المحلول، للعلم فقد كان المعهد في السابق يستخدم المحلولان "أنتي جان" و"أنتي كور" قبل استبدالهما بالمنتوج الجديد. * للإشارة، فإن وزارة المالية أوفدت، في وقت سابق، لجانا من المفتشية العامة للمالية للتحقيق في قضية سوء التسيير داخل معهد باستور والبحث عن الأسباب التي دفعت بوزارة الصحة وإصلاح المستشفيات إلى تنحية المدير السابق للمعهد وتنصيب المدير الجديد وإقالة المدير السابق للصيدلية المركزية للمستشفيات. * وكشفت حينها مصادر مطلعة ل"الشروق" أن قرار تنحية المديرين السابقين وإحالة ملفيهما على العدالة، يعود إلى التحقيق الذي فتحته وزارة الصحة قبل نهاية السنة الماضية والذي أثبت من خلاله تورطهما في استيراد لقاح منتهي الصلاحية وتوزيعه على مختلف وحدات الصيدلية المركزية للمستشفيات. * هذا، ويجري التحقيق حاليا في مختلف الصفقات الخاصة باقتناء اللقاحات المضادة لبعض الأمراض والأدوية التي تم توزيعها على المراكز الإستشفائية. * وعاش المعهد، مؤخرا، فضيحة تعفن مليون ونصف مليون جرعة من اللقاحات الخاصة بالأطفال بسبب عدم ملاءمتها لظروف التخزين ووجود خلل كهربائي تسبب في تعطل سلسلة التبريد، وقد تكبّد باستور نتيجة العطب الكهربائي خسارة بحدود 450 مليون سنتيم على أساس أن الجرعة الواحد تكلّف مبلغ 3 دنانير، وفي إطار الشراكة التي تجمع باستور مع معهد سانوفي باستور الفرنسي فقد تكفّل هذا الأخير بتعويض نفس الكمية من اللقاحات المضادة للإعاقة بصفة مجانية. * * معهد باستور لا يستجيب ووزارة الصحة غير معنية! * وحاولت "الشروق" في خطوة منها لمعرفة موقف إدارة معهد باستور، التقرب من المدير العام للمعهد الذي طلب منا الاتصال بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات للحصول على ترخيص منها، وبعد مراسلة الوزارة حدد لنا موعد بعد أسبوع، بحجة أن المدير العام لديه كثير من المواعيد بالوزارة، غير أن المدير العام، وفي تاريخ الموعد، أجابنا مجددا "يجب النظر مع الوزارة".