هذه ورود المصريين "عسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"..، لقد كان أنصار المنتخب الوطني المتنقلون إلى ملعب القاهرة يتمنون أن تنتهي مواجهة أمس الأول مع الفراعنة بهدف لصفر ليضمن الخضر التأهل لمونديال جنوب افريقيا 2010، لكن ذلك لم يحدث بسبب الهدف الثاني الذي وقعه المهاجم عماد متعب في الرمق الأخير من المواجهة، وهو الهدف الذي أجل فرحة 35 مليون جزائري إلى موعد لاحق، وظن الجزائريون بأن الحظ كان مع المصريين ولكنهم اكتشفوا بأنهم مخطئون عقب نهاية المباراة جراء الاعتداءات الخطيرة التي تعرضوا لها من قبل أنصار المنتخب المصري بالقرب من الملعب وبعض شوارع القاهرة، والتي نتج عنها عدة إصابات متفاوتة الخطورة. * والأمر الذي أدهش البعثة الإعلامية الجزائرية ومناصري الخضر هو أن المنتخب المصري خرج من عنق الزجاجة وأفرح 80 مليون مصري الذين كان من المفروض أن يحتفلوا فقط، ولكنهم اعتدوا على كل جزائري لاقوه بشوارع القاهرة سواء كان مرتجلا أو في السيارة، وقد رصدنا شهادات لجزائريين تعرضوا للاعتداء في مختلف مناطق عاصمة أم الدنيا. * * سيدة حامل تضطر للإجهاض بعد الضرب المبرح * * تعرضت سيدة في الشهر الثالث من الحمل رفقة زوجها إلى الضرب المبرح من قبل أنصار المنتخب المصري أثناء عودتهما رفقة بعثة من الجزائريين في حافلة خاصة، وحسب شهود عيان فإن السيدة التي تبلغ من العمر 29 سنة نقلت على جناح السرعة إلى المستشفى، أين أجبرت على الإجهاض، لأن حالة الجنين كانت في خطر وكان سيؤثر على صحتها لو لم تقم بالعملية، وقد تنقلنا إلى شارع الأهرام بالجيزة، أين تقيم السيدة مع زوجها، ولكن لم نتمكن من الحديث معهما، لأنهما غادرا الفندق في ساعة مبكرة من نهار أمس باتجاه المطار ليغادرا مصر نهائيا. * * "أوقفوا حافلتنا فوق النيل وسرقوا مفاتيحها وضربونا" * * كشفت مجموعة من أنصار المنتخب الجزائري بأنهم تعرضوا لاعتداء همجي من قبل مجموعة من المصريين كانوا يحتفلون على أحد ممرات نهر النيل وعندما شاهدوا حافلة للبعثة الجزائرية اغتنموا الفرصة خلال الازدحام ليكسروا زجاج النوافذ وتهجموا في البداية على السائق حسب ما قال لنا شاهد عيان كان بالحافلة أمروه بالنزول من الحافلة وعندما لم يفعل ما أمروه كسروا زجاج الحافلة بالحجارة، وعندما نزل السائق إليهم تسلل أحدهم إلى الحافلة وسرق مفاتيحها، قبل أن يلج زملاؤه ليشبعونا ضربا أمام مرآى الجميع ولا أحد تجرأ على التدخل، ولحسن الحظ فقد كانت سيارة شرطة تمر في الاتجاه المعاكس لطريقنا، وبسببها فروا ووجد السائق مفاتيح حافلته لينقلنا إلى الفندق مباشرة. * * "حاصرونا أمام الملعب إلى ساعات متأخرة من الليل" * * ولئن تمكن البعض من مغادرة الملعب ولاقوا الويلات من المصريين فإن مجموعة من أنصار المنتخب الجزائري فضلوا تأجيل خروجهم من الملعب إلى ما بعد ذهاب المصريين للاحتفال، ولكنهم حوصروا عند موقف السيارات المحاذي للملعب من قبل شرذمة مناصرين مصريين، كانوا في انتظارهم في الخارج، يقول المناصر سفيان من الجزائر العاصمة: "لم أفهم لماذا اعتدوا علينا على الرغم من أنهم فازوا علينا، فقد انتظرنا لساعات طويلة بموقف السيارات المحاذي للملعب، بسبب مجموعة من المصريين كانت تنتظرنا في الخارج، ولحسن الحظ فإن السفارة الجزائرية تدخلت، حيث قدم إلينا السفير عبد القادر حجار وطلب من السلطات المصرية توفير الأمن لنا وهو ما حدث بالفعل، حيث رافقتنا الشرطة إلى غاية مكان إقامتنا". * * "غنينا معهم لنأمن شرهم" * * لسوء حظ المناصرين (ف.ا) و (ب.ج) فقد مر سائق سيارة الأجرة التي أقلتهما من الملعب بأحد الشوارع الضيقة بالقاهرة ليلتقي بمجموعة من الشباب المصري يحتفلون بفوز منتخب بلادهم، ولم يجد الجزائريان إلا الغناء داخل السيارة والإشادة بالمنتخب المصري وهو أمر ضروري لتفادي شر الأنصار، خاصة وأنهم أخبروا بالاعتداءات الأخرى هاتفيا مثلما يقول (ف. ا) "وصلتنا أخبار عن تعرض مناصرين مثلنا لاعتداءات خطيرة، وعليه فقد قلت لصديقي بأننا سوف نشارك المصريين احتفالهم إذا صادفناهم في طريقنا، وهو ما حدث بالفعل، وعندما وجدنا في طريقنا شبابا يحتفلون فقد غنيت معهم من داخل السيارة لنأمن شرهم". * * "رمونا بالشماريخ داخل الحافلة" * * بالغ الجمهور المصري في تعصبه كثيرا، فبعد رشق الجزائريين في كل مكان بالحجارة، جاء الدور على استعمال الشماريخ، حيث يقول المناصر (مصطفى) بأنه كان في حافلة للبعثة الجزائرية عائدة إلى الجيزة من ملعب القاهرة عندما تعرضوا لهجوم كاسح من قبل مجموعة شباب مصريين الذين كسروا زجاج النوافذ ورموا بإحدى الشماريخ داخل الحافلة ليختلط الحابل بالنابل، خاصة وان الراية اختفت: "وكان كل واحد منا يريد النزول قبل الآخر وبالتالي نجمت عدة إصابات بالغة بيننا، فأنا مثلا أصبت في الرأس وأخيط جرحي بعد نقلي إلى المستشفى، لم نكن نتوقع بأنهم وحشيون إلى هذه الدرجة". * * "يا حجار عجل لنا بالرحيل من مصر" * * ووجه أنصار المنتخب الوطني المتواجدون بمصر نداء استغاثة لسفير الجزائر بمصر عبد القادر حجار ليعجل برحيلهم من مصر، بحيث أبدى بعضهم تخوفه من البقاء في مصر طيلة الأسبوع الجاري بعد سيناريو الرعب الذي عاشوه سهرة أمس الأول بالقاهرة وضواحيها، علما بأن جل رحلات العودة للبعثة الجزائرية تبدأ من يوم الخميس المقبل 19 من الشهر الجاري. * ويقول (م.ب) احد الجزائريين الذين تعرضوا للاعتداءات الجبانة من قبل المصريين: "لا نريد البقاء في مصر، فنحن متخوفون من الخروج إلى الشارع أو التنقل في رحلات سياحية بالمناطق التاريخية بمصر، ونريد من السفارة الجزائرية أن تجد لنا حلا في اقرب الآجال لنغادر هذا البلد الذي رأينا فيه الرعب، ونحن متخوفون من أن يتكرر معنا نفس السيناريو الذي عشناه بعد المباراة". * * "ضربنا بالحجارة وكدنا نرمى في النيل" * * اضطر ثلاثة جزائريين للنزول من سيارة الأجرة التي كانت تقلهم من ملعب القاهرة إلى الزمالك فوق احد الممرات الكبيرة لنهر النيل بسبب الازدحام الكبير للسيارات، بحيث فضلوا المشي على الأقدام، ولكنهم لم ينجوا من هجمات المصريين، حيث تم التعرف عليهم من لهجتهم الجزائرية، ليبدأ بعدها الاستفزاز كما يقول نجيب من عنابة: "تفاجأ ت بالفعل من المتعصبين المصريين، فرغم فوزهم لم يتوقفوا عن استفزازنا، ليلتفوا حولنا والبعض منهم رمانا بالحجارة، كما حاولوا حملنا ليرمونا في نهر النيل، وقد كانت تلك المجموعة من الشبان في حالة هيستيرية". * * "لجأنا لفنادق أخرى وزملاؤنا" * * الحل الوحيد الذي كان بحوزة ركاب إحدى حافلات البعثة الجزائرية التي تعرضت للرشق بالحجارة هو اللجوء إلى احد الفنادق القديمة بقلب القاهرة حسب ما يروي لنا (ب. ز) الذي لم يجد صديقه ومجموعة من زملائه في البعثة: "بعدما اعتدي علينا افترقنا في شوارع القاهرة وتبعنا المشجعون المصريون وواضطررنا للمبيت في بعض الفنادق القديمة، لأننا كنا بعيدين كثيرا عن الفندق الذي حجزنا فيه، وعدنا صبيحة أمس إلى مقر إقامتنا واكتشفنا بأن الأنصار الجزائريين لم يعودوا إلى الفندق منذ خروجهم معنا ولا ندري أين ذهبوا بعد الاعتداء علينا". * * "تركونا من دون حماية أمنية" * * ولعل سبب تمكن المصريين من الانقضاض على مناصري المنتخب الوطني الجزائري هو انعدام الأمن، بحيث من المفروض أن تكون كل حافلة من البعثة الجزائرية بمصر مرفقة بسيارة أو اثنتين لرجال الأمن، وان وفر هذا الشرط لبعض المحظوظين عند التنقل إلى الملعب فأن كل شيء انتهى بعد نهاية المواجهة، بحيث غادرت بعض الحافلات الملعب من دون حراسة أمنية وهو ما سهل العملية على المتعصبين يقول (س. ر) الذي ضرب بحجر كبير في كتفه وبالرغم من الآلام الحادة التي يعاني منها رفض التنقل إلى المستشفى تخوفا من اعتداءات أخرى: "عندما غادرنا الملعب كنا مؤمنين ولكن عند اقترابنا من قلب القاهرة دخل بنا السائق في احد الشوارع الضيقة فتهنا عن رجال الأمن وانقض علينا الجمهور المصري، وتمكنا من الفرار بأعجوبة كبيرة وخفنا من التنقل إلى المستشفى للعلاج لعدم توفر الأمن، على الرغم من تواجد إصابات خطيرة بيننا". * * حتى النسوة تهن في القاهرة بعد الاعتداء عليهن * * لا يخفى على الجميع بأنه كانت مجموعة من النسوة تنقلن من الجزائر لمناصرة المنتخب الجزائري، وكان من المفروض على المتعصبين المصريين على الأقل احترامهن، ولكن همجية الأنصار المصريين أعمت عقولهم وقلوبهم بحيث اعتدوا على سيارة كان بها نسوة جزائريات وقد تعرضن للسب بشتى أنواعه، كما ضربت أحداهن بقضيب حديد على يدها، مثلما تقول الآنسة س. ج التي قابلناها أمام مقر السفارة: "لم أتوقع أبدا أن نهان بمصر، خاصة وان المنتخب المصري تفوق علينا بهدفين، فقد كنا في سيارة وسط الازدحام المروري وفي الرصيف المحاذي لنا كان مصريون يحتفلون بفوزهم، وعندما رأوا العلم الجزائري في يد صديقتي تهجموا علينا ورشقونا بالحجارة وقد أصبت في يدي بضربة من مناصر مصري كان يحمل عصى حديدية، واضطررنا للاختفاء في أحد الفنادق إلى غاية صبيحة أمس ليقلنا أحد الجزائريين إلى مكان إقامة بعثتنا".