كشف محتوى البيانين الصادرين عن وزارتي الخارجية بالجزائر ومصر، اختلاف وجهات النظر بين المسؤولين، كما أكد أن خطاب السلطتين يسير وفق خطين متوازيين لم يلتقيا ولن يلتقيان أبدا، فبيان الخارجية المصرية الذي تناول مكالمة أبو الغيط لمدلسي تأسفت عن الأحداث التي أعقبت مباراة أم درمان، أما بيان وزارة خارجيتنا فقد تأسف للأحداث التي أعقبت مباراة 14 نوفمبر بالقاهرة، هذا التباين في هذه النقطة بالذات إن لم يشكل جوهر المكالمة الهاتفية فإنه يبين أن تطابق وتوافق وجهات النظر وحتى التعاون في الوقت الراهن من المستحيلات. * المكالمة الهاتفية التي تلقاها أمس وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، من نظيره المصري، أحمد أبو الغيط، لتهنئته بالانتصار الذي حققه المنتخب الجزائري لكرة القدم، وتأهله للدور النصف النهائي لكأس إفريقيا، في المواجهة الكروية التي جمعته بفريق كوت ديفوار، أراد من خلالها أبو الغيط أن يضعها جسرا للعبور الى الهدف الحقيقي للمكالمة وهي ضرورة التنسيق لتسيير المباراة التي ستجمع فريقا البلدين اليوم بكل "حكمة وعقلانية". * وجاء في بيان وزارة الخارجية الذي تلقت "الشروق" نسخة منه، أن ممثل الدبلوماسية المصرية، أحمد أبو الغيط، تطرق في محادثته مع مراد مدلسي إلى الأحداث المؤسفة التي جاءت في أعقاب المباراة الكروية التي جمعت الجزائر بمصر في 14 نوفمبر الماضي بملعب القاهرة، وأشار البيان الى أن وزيري البلدين أكدا على ضرورة تسيير المقابلة الكروية التي ستجمع منتخبنا الوطني بنظيره المصري برسم الدور النصف النهائي غدا الخميس ببنغيلا، بحكمة ورصانة وعقلانية. * أما البيان الذي تناقلته الصحف الإعلامية المصرية لوزارة شؤون خارجيتهم فقد ركز على مزاعم الأحداث التي أعقبت مباراة أم درمان، هذا التأسف المشترك في الشكل والمختلف في المضمون يبين أن تشنج العلاقات الثنائية بين البلدين مازال متواصلا، والتوتر الذي يطبع العلاقات الجزائرية المصرية أمر واقع لن يستطيع أي خط ساخن أو أي مكالمة هاتفية حجبه، لأن جراح الجزائريين التي خلفتها التصريحات اللامسؤولة لعدد كبير من الشخصيات المصرية في حق الجزائر ورموزها وشهدائها، ناهيك عن الحملة المسعورة التي قادتها الفضائيات المصرية ضد كل ما هو جزائري، لن تنسى بجرة قلم أو مكالمة هاتفية أو إعلان رغبة في "تهدئة مصطنعة" قد تحمل في طياتها سموما قاتلة. * تهنئة أبو الغيط التي تأتي لتلطيف الأجواء قبيل المباراة التي ستجمع فريقنا بفريق بلاده اليوم، جاءت متأخرة ولا تحمل لونا ولا طعما على اعتبار أن فوز الجزائر تحقق منذ 3 أيام، وهي فترة كانت كافية ليؤدي فيها واجب التهنئة، هذا التأخر الزمني والمكاني للتهنئة المصرية للجزائر تؤكد أن أسباب المكالمة بعيدة كل البعد عن التهنئة، وإنما تصب في رافد محاولات "المهادنة والمداهنة" في سيناريو يتطابق مع ما جرى قبل وبعد مباراة 14 نوفمبر الماضي باستاد القاهرة، حيث أن التاريخ سجل لأبي الغيط تعهدا مشابها ومطابقا في مكالمة هاتفية قبيل مباراة العودة، وهو التعهد الذي نمقته عبارات التهدئة وتمنيات "جعل المباراة عرسا كرويا في إطار العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين"، قبل أن يستفيق الجزائريون على طعنة في الظهر، كانت بداية "رجم" حافلة الخضر ونهايتها اعتداءات مروعة في حق مناصرين عزل، ذنبهم أنهم دخلوا "المحروسة" لمؤازرة فريق بلادهم وغادروها مخضبين بالدماء. * رسالة التهنئة التي وصلتنا بأثر رجعي، تناسى أصحابها أنهم لم يهنئونا عندما انتصرت عليهم نفس التشكيلة الوطنية التي هزمت كوت ديفوار وقبله مالي، وكذا تأهلنا للدور ربع النهائي. * الرغبة المصرية الواردة على لسان أبو الغيط، تبين أن مصر استوعبت الدرس وجنحت للتنسيق الثنائي بعدما رفضت دعوة جزائرية مماثلة للتنسيق بين الدولتين قبيل مباراة القاهرة، وهي المبادرة التي كشف عنها وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين يزيد زرهوني في أعقاب المباراة الفاصلة التي ألهبت مشاعر الكراهية المصرية باتجاه الجزائريين .