تصّوروا هذا الموقف الغريب أرانب من عمق البحر تزحف نحو السواحل في منافسة غير شريفة مع أرانب البر، في هذا الزمن الأغبر! هذا ما تقوله الأخبار مع زحف سمك قاتل يكنى سمك الأرنب على السواحل الجزائرية من أقصاها إلى أقصاها! وقصة هذا النوع من السمك القادم من الهند التي يرقصون فيها الثعابين أن كل من يلمسه مقتول وكل من يأكله مأكول مثلما تأكل نار برميل الأسد بعض شعبه في حلب! فما الذي جاء بهذا الحيوان القاتل إلينا بعد أن مر على اليونان المفلسة التي حكمها رهط غير مفلس وأوقع ضحايا فيها، بالنظر إلى معطيات دراسة ميدانية سابقة جاء فيها أن أسراب السردين في عرض البحر "حرڤت" نحو أماكن أخرى أكثر أمنا كما فعل بعضنا خوفا من شبح الإرهاب بشقيه الأعمى والمبصر، يمكن وضع فرضيتين: فرضية بحرية مفادها أن أرنب البحر، والأرنب في العادة ودود وهادئ أكثر من قطعان الأغنام (البشرية) وبدرجة أقل قطعان الدجاج يريد أن ينتقم من الصيادين بعد أن استخدموا الألغام لترهيب الأسماك كنوع من الصيد المشروع عندهم.. مع أنه ليس كذلك. فرضية برية وهي أن أرنب البحر يريد منافسة أرنب البرّ الذي ظهر مؤخرا في شكل مرشحين أرانب لرئاسيات محسومة سلفا لصالح من يكرمه مريضنا الكبير ببركته ويمسح على جبينه كما يمسح البابا فرنسيس على بعض أتباعه. سواء ترشحوا عبر تلك الأحزاب التي تصب كالميزاب كدرا وغدرا، أو ترشحوا أحرارا اعتمادا على أصحاب بومليار أو من النوع العريان الذي يمشي وفي أصبعه خاتم من ذهب وفي ذهنه فكرة راسخة أن من في جيبه دورو فقد غلب منذ أن جربوا حكاية الفوت أي التصويت على الفيس (المرحوم) والعشاء عند بن فليس الذي يمني نفسه دائما بأنه سيلتقي مع قدره ويصبح العريس يوم خيمس! منحة الاستحراك!! مع أنه من غير الثابت علميا تفسير كيف أن أرنب البحر والبر وقس عليه كل ما يضر ويجرّ ويزمجر من الحيوان إلى البشر لا يمكن أن ينزل علينا كنوع من العقاب الفوقي والغيبي. مع ذلك فإن التفسير الديني يشرح ذلك بما يفيد أن كل ما جاءكم من أعماق البحر أو البر أو من أعماق البئر والحسيان، إنما بما صنعت أيديكم! وبالمناسبة كل الوجوه التي تحكمنا من التي لا تسمع بها ولا تراها إلى تلك التي تراها رؤيا العين كما كان يقول عمّنا زرهوني وزير الداخلية الذي يمشي في الطريق مرفوع القامة يكيلون لبعضهم التهم إلى درجة أنهم لو كنا حديث عهد الاستقلال (الاستغلال) لكتب على أحدهم أنت حركي مركي! وكان يفترض أن تعطيهم "فافا" منحة "الاستحراك" الحديث أو الوشاية! فالوقت قد حان لإعادة ترتيب الأوراق تمهيدا لمرحلة ما بعد الرجل المريض! وهذه الصفة التي ارتبطت بالامبراطورية العثمانية وهي في طريقها إلى التفكك كامبراطورية الاتحاد السوفياتي المرحوم تحيلنا إلى نوع من الشبه بين التوقيت التركي الذي خلف العثماني وتوقيت الجزائر، خاصة أن زعيمهم المحسوب على الإسلاميين المستنيرين أردوغان عاد يهش رؤوس البوليس والعسكر بعد أن علوا علّوا كبيرا فيودعهم دار خالتهم (الحبس) ويحسب ويذكر من لا يريد أن يتذكر ويتدبر بأن القطار قد فاتهم وهيهات، فلأول مرة في التاريخ والجغرافيا تسجل حالة تحقيق و"تحكيك" مع جنرال تحت تهم خطيرة بما فيها حمل السلاح.. مع أن حمله من صميم عمله! مع أن جنرالا آخر في عداد الملتحقين بتلك الدار لم يسأله أحد بعد أن أخلى بنكا بكامله بكل فروعه تقريبا على اعتبار أنه واحد من حقوقه المكتسبة! فلا تلوموه ولوموا أنفسكم إن كنتم فاهمين! فإلى أين يمكن أن تؤول إليه هذه "الهوشة" الداخلية؟ بتقدير بوتفليقة نفسه الذي قال حين ولوه أمرنا إنه الأحسن ما بين الأسوأ، يمكن اعتبار أن القادم ومن معه قد يكونون أشد سوءا، وسيأتي من بعده خلق يضيعون الصلاة والصباط ويتيهون في الفلاة والمتاهات والمطبات والدودانات مع أن إمكانية ركوب طوق النجاة من أقرب طريق ممكنة بالاقتباس شيئا من الجيران على الشرق بعد أن أقاموا الليالي الملاح ودعوا الكبار والصّغار بمناسبة الاحتفال بكتابة الدستور، حين قضوا معه ثلاث سنوات بمعدل سطر كل يوم يقابله فعل باتجاه تكريس دولة الحريات ضد الديكتاتوريات! فوزيرنا الأول سلال الذي كان من بين المدعوين لعرس الدستور دعا إلى اتخاذ خطوات جريئة للمضي نحو شراكة استراتيجية مع تونس، ويكون بالنظر إلى جملة المشاريع الحدودية المزمع إنشاؤها قد قال لهم هناك كما دأب القول للشباب عندنا إنكم عتاريس مفاليس وفقاقير، ومن حسن الحظ أنه لم يقل إنكم ملاحيس مراخيص، تريدون كل شيء "باطل" أي بالمجان وتساومون ذلك بالعصيان! وليته قال لهم هناك أن حسن خاتمتكم جاءت بفعل فقدان حسيان الغاز والبترول بعد أن ثبت بأنها تعلم (كتلفزة شوقي سابقا) المجتمعين حولها الغباء! هو نفسه الذي جعل صيادي السردين يرمونه بالديناميت والنار وجعل أرنب البحار يأتي في عملية انقاذ وانتقام كان يفترض أن كل الأطراف بمن فيهم أصحاب عرس الدستور وأصحاب عرس حسيان البترول الذي فيه يتنازعون أن يتبادلوا منافع مشتركة مادام أن الصداقة الاستراتيجية تلك لن يكتب لها الدوام إلا إذا تشابه الصديقان في الدستور وما تحت السطور!