استنكر رفقاء السلاح ممن تعرضوا للتعذيب والاضطهاد خلال نشاطهم في الحراش خلال الثورة التحريرية، ما يسوقه البعض عن منح ديغول الاستقلال للجزائر وهو -حسبهم- ما من شأنه تغيير قناعات الجيل الجديد وتغيير معلوماته عن الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي الذي لم يرأف حتى بالجرحى ونكل بالأطفال والنساء والشيوخ مرتكبا جرائم بشعة. ودافع رفقاء المجاهد محمود مصطفاوي عن نضالاتهم ومن استشهد في سبيل افتكاك الحرية. وأكدوا أول أمس بمكتبة الشهاب على هامش تقديم كتاب "معركة الحراش..حتى لا ينس أحد" أن المنظومة التربوية مقصرة في مادة التاريخ خاصة وأن أبرز الأحداث التاريخية مغيّبة في المقررات الدراسية مما يبقيها غائبة أيضا في ذاكرة الأجيال المتعاقبة. اختلفت قصص كل مجاهد شارك في "معركة الحراش" ولكنها كلها اشتركت في تعرضهم للتنكيل والتعذيب حتى وهم جرحى فكان كتاب مصطفاوي شهادات حية نقلها عن رفقائه ممن لازالوا على قيد الحياة، ولكنهم التزموا الصمت وآخرون استشهدوا وعايش ما حدث لهم. تحوّل اللقاء بمكتبة الشهاب إلى نقاش جاد وساخن، أماط اللثام عن حقائق تاريخية مرعبة وممارسات حوّلت الطفل البريء إلى متشرد بعد فصله من الدراسة وحوّلت المجاهد إلى جثة متعفنة جراء عدد الرصاصات التي اخترقت جسمه، إضافة إلى الضرب والتعذيب بالكهرباء. وبين من فقد عينه ومن يعيش بعاهات مستديمة ومن يعيش بست رصاصات في ظهره. استطاع مصطفاوي من خلال كتابه أن يعطي فكرة واضحة ومعطيات وافية عن "معركة الحراش" التي لم تنل حقها من التاريخ على غرار "معركة الجزائر" مثلا. الكتاب اقتبس منه فيلم وثائقي ولا يزال الأمل في أن يتحوّل إلى فيلم سينمائي ولو أن هدف مصطفاوي الأكبر -حسبه- هو أن تأخذه وزارة بن بوزيد بعين الاعتبار وتدرس "معركة الحراش" في الثانويات والجامعات. ولتحقيق هذا الهدف بدأت جملة من الاتصالات لتوفير الكتاب على الأقل في هذه المؤسسات. أحمد شريفي هو الشهيد العائد إلى الحياة. فبعد أن دوّنته فرنسا على أنه استشهد وغادر عالم الأحياء. نازع الموت لأيام وهو من فقد عينه وتشبع جسمه بالرصاص واستطاع رغم كل ما تعرض له أن يعود. وكانت عودته مفاجأة للعائلة والأصدقاء الذين لم يصدقوا أنه ورغم التعذيب استطاع الصمود وراوغ الجيش الفرنسي فلم يأخذ منه ولا معلومة عن رفقاء دربه. المجاهد المعروف "بالمستقدر" حضر اللقاء وثمن خطوة التاريخ لمعركة الحراش.