البترول قد يكون نعمةً ونقمةً في نفس الوقت، إلا أنه في البلدان ذات الثروات الطبيعية الهائلة كالجزائر، قد أصبح نقمة، وذلك بفضل السياسات المنتهجة، والأداءات المتغيرة، رغم أنه هبة ونعمة إلهية، كان يفضل أن يحسن استغلالها بأن تكون أحد العوامل للتنمية والإزدهار، وليس عاملاً أساسياً لشراء الاستقرار والتنمية والرقي الافتراضي، بزوالها أو تذبذب أسعارها يتذبذب الاستقرار والنسيج الاجتماعي، فبدلاً من توظيف هذه النعمة أحسن توظيف في تنمية مستدامة، ومساواة في توزيع الثروات بين مختلف المناطق، أصبحت نقمة، حيث لا وجود لقارورات الغاز، ولا حتى إمدادات على مقربة من العديد من المدن التي تعتبر رئة الجزائر التي تتنفس من خلالها، والتي تجلب ما يعادل 95٪ من ميزانية الدولة.. باتت على العكس، حيث "أصبح" البرتول نقمة من خلال إرساء نمو افتراضي واقتصاد ريعي غير منتج، معتمد على البترول فقط دون غيره من المصادر الأخرى، بل الأدهى من ذلك أننا لم نطور هذه الصناعة البترولية بما يكفي من خلال صناعة بتروكيماوية تليق بمقام الجزائر، فرحم الله هواري بومدين..! عن أي اقتصاد نتكلم وقلوبنا مشدودة مع ارتفاع وانخفاض سعر البترول، ويقال أننا في أحسن حال ورقي مقارنة بالتسعينيات، وغيرها من الخطابات الديموغوجية التي تبرر الفشل أكثر مما تقنع بجدوى سياسات اقتصادية، فلا ننسى أن هذه "النعمة" كانت كاشفة لحجم وتفاقم أو بالأحرى ازدهار الرياضة الوطنية بامتياز "الرشوة" فكانت القنبلة التي فجرت فضائح سوناطراك!؟ فالبترول الذي كان يفترض به أن يكون دافعاً ومنطلقاً لتأسيس اقتصاد متنوع، أسسنا عليه اقتصاداً مبنياً على الإتكالية والارتجال والزبونية... فالبترول، كشف عورات النظام وسياسته العرجاء العوجاء. وإنني أستعجب من الخطابات الرسمية حول التقشف وشد الحزام، وترشيد النفقات والتحضير للسنين العجاف، ونسي هؤلاء أن المؤمن يبدأ بنفسه، وأن القدوة من الرأس، فتجميد الزيادات والمناصب والمشروعات الكمالية... إلخ، يجب أن تبدأ من الوزراء والنواب صعوداً ونزولاً للقاعدة، وليس بدءاً من القاعدة وعدم الوصول للقمة، كما تعودنا في العديد من المرات. وأخيراً الذهاب لحاوية بديلة كالبترول الصخري أو الإعلانات الكرنفالية على أساس اكتشافات جديدة لا تخدم أيا من الدولة او الشعب، والجزائري لديه رجولة بطبعه، فلو تم الإعلان عن بتر رواتب الوزراء والنواب، سيقف ويدعم أي سياسة تقشفية، لنجربها، وسنرى المعجزات.. هذه انطباعات راصد للشارع...
وما نريد الا الإصلاح ما استطعنا.. وما توفيقي إلا بالله