كشف التضارب الذي حصل بشأن تحديد موعد اختتام الدورة الربيعية للبرلمان، عن حجم التبعية التي تطبع العلاقة بين الجهازين التشريعي والتنفيذي، بالرغم من أن أحكام الدستور، تضع الهيئتين في مستوى واحد من الندية. وكان المجلس الشعبي الوطني قد أصدر بيانا في وقت سابق، أكد من خلاله أن اختتام الدورة الربيعية سيكون في الثاني من أوت المقبل، غير أن المجلس أعاد النظر في الموعد، وقرر تقريبه إلى (اليوم) السابع من جويلية. ويعتقد النائب عن جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، أن مراجعة موعد اختتام الدورة البرلمانية "يؤكد على حالة من التخبط على مستوى الهيئة التشريعية والجهاز التنفيذي، وأن الأخير بات يتحكم في قرارات البرلمان، وهو دليل آخر على أن الهيئة التشريعية تحولت إلى مجرد منفذ لما تمليه الحكومة". وقدم بن خلاف الذي يعرف جيدا دهاليز مبنى زيغود يوسف بحكم عضويته السابقة بمكتب المجلس، مؤشرا آخر يصب في دعم قراءته، وهو ذلك المتعلق بعدم وفاء الغرفة السفلى بأجندة مشاريع القوانين التي برمجتها باتفاق مع الحكومة في بداية الدورة الربيعية، مؤكدا سقوط العديد من المشاريع من أجندة الدورة، فيما أصرت الحكومة على تمرير مشاريع قوانين أثارت الكثير من الجدل، مثل قانون العقوبات الذي تضمّن أحكاما خاصة بالمرأة، وكذا القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وعاد المتحدث في اتصال مع "الشروق" أمس، ليطعن في الكثير من مشاريع القوانين التي تمت المصادقة عليها في الدورة الربيعية، بسبب عوار قانوني تمثل في غياب النصاب القانوني أثناء التصويت، وهو الأمر الذي حاول رئيس المجلس، إخفاءه من خلال قطع البت المباشر على أشغال الجلسات، يؤكد نائب جبهة العدالة والتنمية، ما دفعه لاعتبار الدورة الحالية الأسوأ في تاريخ البلاد. ويرى النائب أن تقديم موعد اختتام الدورة، إنما الهدف منه، تمكين رئيس الجمهورية من التشريع بالأوامر، ومن ثم إعطاء الفرصة لتمرير قانون المالية التكميلي، الذي يثير الكثير من الجدل، بسبب ما يتضمنه من إجراءات مضرة بالفئات الشعبية المحرومة، مثل رفع أسعار الوقود، وفرض ضرائب جديدة على العقارات.. وقال بن خلاف: "تمنينا أن يشرّع قانون المالية التكميلي في صورة قانون عادي وليس بأمرية رئاسية، حتى يتمكن النواب من تعديل ومراجعة بعض المواد التي يعتبرونها تضر بالجزائريين ولا سيما الفئات الهشة". ودأبت الحكومة على تمرير القرارات المثيرة للجدل بأمريات، حرصا منها على عدم تعرض ما تريد تمريره، للتعديل أو إسقاطه بالكامل، كما حصل في وقت سابق مع المادة المتعلقة باستيراد السيارات المستعملة لأقل من ثلاث سنوات، الذي أسقطه النواب، لتعود بعد ذلك الحكومة في العام الموالي وتمرر القانون بالمادة التي تم إسقاطها بأمرية. ومعلوم أن القانون الذي يحال على البرلمان في صورة أمرية، لا يناقش ولا يعدل وتتم المصادقة عليه جملة وليس مادة بمادة كما هو الحال مع القوانين العادية، كما أن إسقاط مادة واحدة فقط من المشروع، يؤدي إلى إسقاط القانون برمته.
الأفافاس يقاطع اختتام الدورة أعلنت المجموعة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية مقاطعتها لحفل اختتام الدورة الربيعية للبرلمان اليوم، في صورة موقف احتجاجي على الطريقة التي يسير بها المجلس الشعبي الوطني. وأوضحت المجموعة في بيان لها، أن الأفافاس يندد بالقرارات الأحادية الصادرة عن مكتب المجلس، والتي في مقدمتها تقليص مدة الدورة البرلمانية بنحو شهر، إلى جانب إلغاء جلستين للأسئلة الشفوية، فضلا عن مناقشة مشروعي قانون، أحدهما يتعلق بالبحث العلمي والتكنولوجي، والآخر، يعدل قانون التجارة.
واعتبر البيان القرار غير مقبول ويترجم بوضوح خضوع مكتب المجلس وتبعيته لأجندات غير أجندة المجلس، مبرزا رفض نواب الأفافاس مثل هذه الممارسات التي تقزم التمثيل الوطني، وتؤكد غياب النقاش حول المسائل التي تخض مستقبل البلاد.