أفادت تقارير من جنوب السودان بتجدد المعارك بين طرفي النزاع في العاصمة جوبا، الاثنين، رغم نداء مجلس الأمن الدولي بوقف القتال. وتحدث مراسلون عن سماع صوت الأسلحة الثقيلة، والدبابات والطائرات العمودية وقذائف الهاون بين طرفي النزاع. وقتل المئات، في الأيام الأخيرة، عندما اندلعت معارك بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير، وأنصار نائبه ريك مشار. ولم يصدر أي تصريح رسمي يحدد عدد القتلى، لكن خمسة جنود على الأقل قتلوا، يوم الخميس، وقال مصدر في وزارة الصحة، إن 272 شخصاً من بينهم 33 مدنياً قتلوا، يوم الجمعة. وبعد فترة هدوء وجيزة، يوم السبت، بدا أن القتال الذي تجدد، يوم الأحد، أشد عنفاً. وطالت القذائف وإطلاق النار مدنيين ومجمعات تابعة للأمم المتحدة، وهو ما اعتبره مجلس الأمن أمراً قد يشكل جريمة حرب. وشرعت العديد من الدول في إجلاء دبلوماسييها وعمال الإغاثة من البلاد. وهناك مخاوف من أن تؤدي هذه المعارك إلى عودة حرب الأهلية المفتوحة إلى جنوب السودان، الذي تمزقه الخلافات السياسية والنعرات العرقية. وتعد هذه التطورات خرقاً لاتفاق السلام الذي أبرم في ديسمبر 2013، بهدف إنهاء الحرب الأهلية، بعدما اتهم سلفا كير نائبه ريك مشار بالتخطيط لانقلاب عسكري عليه. وتزامن تجدد المعارك مع سقوط أمطار غزيرة وهبوب عواصف هوجاء على العاصمة جوبا، ضاعفت معاناة المدنيين، الذين هربوا من مساكنهم، خوفاً على حياتهم. ودعا مجلس كنائس جنوب السودان إلى الهدوء، قائلاً: "ندين جميع أعمال العنف دون استثناء، وانتهى وقت حمل السلاح واستعماله، وحان الآن وقت بناء وطن موحد". وحض مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، جيران جنوب السودان على المساعدة في إنهاء المعارك المتجددة، داعياً إلى نشر المزيد من قوات حفظ السلام. وطالب المجلس كلاً من سلفا كير وريك مشار بضبط قواتهما. وقالت واشنطن، إنها أعطت تعليمات بإجلاء عامليها غير الضروريين من البلاد، ودعت طرفي النزاع إلى "منع قواتها عن المزيد من القتال"، وإعادتها إلى الثكنات، وتجنب المزيد من العنف وإراقة الدماء. وعلقت شركة الطيران الكينية رحلاتها إلى جوبا، متذرعة "بالاضطرابات الأمنية" في البلاد. وتشهد جنوب السودان موجات متكررة من العنف والأزمات السياسية، منذ إعلان الاستقلال عام 2011، ولم يفلح اتفاق السلام الموقع في 2015 إلى إنهاء النزاع، وإنشاء حكومة وحدة وطنية. وأسفرت الأعمال العنف عن مقتل عشرات الآلاف، وهجرت نحو ثلاثة ملايين شخص من ديارهم، بينما تركت خمسة ملايين آخرين يعيشون على الإعانات الإنسانية. وتزامن النزاع السياسي وتصاعد أعمال العنف مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في جنوب السودان، إذ انهارت قيمة العملة الوطنية، متسببة في تضخم متزايد، لم تعد الحكومة قادرة على التحكم فيه. وتدهورت الصناعة النفطية، التي هي أساس اقتصاد البلاد، وانعكس تأثيرها على المدن والقرى التي أصبحت غير قادرة على الحياة.