المنظمات الجماهيرية.. قواعد خلفية وأذرع طويلة للتحريك والتخويف بلخادم يريد "ضربة قاضية" بتزكية المندوبين فور انطلاق المؤتمر حسمت الجمعيات العامة التي انعقدت عبر قسمات الوطن التي تشكل خلايا حزب الأفلان، في الفترة الممتدة من 20 إلى 28 فيفري الماضي، في انتخابات المندوبين الذين حضروا أشغال المؤتمرات الجهوية الستة المنعقدة من 3 إلى 7 مارس الجاري... حيث مثل مؤتمر سطيف 8 محافظات ب 674 مندوب، وقسنطينة 9 محافظات ب 532 مندوب، والعاصمة 12 محافظة ب 827 مندوب، والأغواط 411 مندوب عن 7 محافظات، وغليزان 375 مندوب يمثلون 5 محافظات، ومعسكر 444 مندوب عن 7 محافظات، وفي المجموع 3263 مندوب من القواعد يحضرون المؤتمر التاسع، بداية من يوم غد الجمعة بالقاعة البيضاوية محمد بوضياف بالعاصمة. ويضاف لمندوبي الولايات، المعنيين بالانتداب لأشغال المؤتمر بحكم الصفة، الممثلين في كل من أعضاء المجلس الوطني 555 شخص، نواب الحزب في البرلمان بغرفتيه وهم في حدود 200 شخص، أمناء المحافظات، رؤساء لجان تحضير المؤتمر، أعضاء الحكومة المنتمين إلى الحزب، وكذا القائمة الوطنية للأمين العام بسقف 200 مندوب، و50 مندوبا عن الجالية ليصل تعداد المندوبين في الكامل حوالي 3700 مندوب، علما أن هناك مشاركين ليسوا مندوبين من رؤساء جمعيات ونقابيين وسياسيين وضيوف على غرار رؤساء سابقين وشخصيات تاريخية ومحافظين قدامي. وحرص، عبد العزيز بلخادم، في تعليمة رقم 3 المرسلة للقواعد في الولايات، تخص ضوابط انتخاب المندوبين للمؤتمر والتي تحولت إلى لائحة بناء على تقرير اللجنة الخاصة لأشغال المجلس الوطني، على الشفافية في انتخاب مندوبي المؤتمر التاسع للحزب، عبر قسمات الوطن، لكن ذلك لم يمنع الاحتجاجات في الولايات بسبب الصلاحيات التي هي في يد المحافظين، ومشكل عدم توزيع البطاقات في بعض الولايات. وتوصل بلخادم رفقة أعضاء الهيئة التنفيذية، بعد إدراج تعديلات ضمن لائحة نظامية وفق القانون الأساسي للحزب تهدف إلى تحديد كيفيات انتخاب مندوبي المؤتمر التاسع، إلى استحداث قائمة ضمت 10 نساء و10 شبان عن كل محافظة، وبمعدل مندوب من الشباب وآخر من العنصر النسوي على مستوى كل دائرة، وهو ما يعني أن 542 دائرة ستكون ممثلة بألف و84 مندوبا. وصرح بلخادم، عقب انتهاء أشغال المجلس الوطني والهيئة التنفيذية في الدورة الأخيرة، عشية المؤتمر التاسع، بأن الحرص على تشبيب الحزب اقتضى إيجاد قائمتي النساء والشباب، مرجعا ذلك "بعد تبين التجربة بأن الصندوق يقصي دوما العنصر النسوي والشباب"، مضيفا بأنهم بمثابة المندوبين بانتخاب غير مباشر، حيث أن الانتخابات المباشرة تفرز 1594 مندوب بحسب تعداد القسمات على المستوى الوطني، وتعتبر قيادة الحزب أن الاختيار تم وفقا ل"الأقدمية والالتزام بتقديم الاشتراكات، والنزاهة وعدم الانقطاع عن النضال في الجبهة". وقد أعاب معارضو بلخادم طريقة اختيار المندوبين، معتبرين بأنها تحسم لصالح الأمين العام المنتهية ولايته، بالأخص صلاحية اختيار مندوبين من فئة الشباب، وكذا من العنصر النسوي، فيما قال بلخادم بأن الحسم في مسألة المندوبين يتم عبر الصندوق وليس عن طريق التعيين، وفقا للمادة 14 من القانون الأساسي للحزب، التي تحدد بدقة عملية انتخاب المندوبين. بعضها مازالت تحت برنوسها.. وبعضها الآخر هرب بها الآرندي المنظمات الجماهيرية.. قواعد خلفية وأذرع طويلة للتحريك والتخويف ظلت المنظمات الجماهيرية، القاعدة التي يرتكز عليها حزب جبهة التحرير الوطني منذ الاستقلال، واستمرت في لعب دور المحرك التعبوي للجماهير بمناسبة الانتخابات، إلى أن جاء من يزاحمه في ولائها السياسي، فانقسمت الكعكة بين أفلانيين وأرندويين للحفاظ على ميزان القوى داخل السلطة. الاتحاد العام للعمال الجزائريين، المنظمة الوطنية للمجاهدين، المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين، المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية، الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، الكشافة الإسلامية الجزائرية والاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين هي المنظمات التي أنشأها حزب جبهة التحرير الوطني منذ تمكين النظام الاشتراكي في الجزائر بعد الاستقلال منها من جاءت مباشرة بموجب المادة 2 من القرار رقم 71/79 المؤرخ في 1971/12/المحدد لشكل حقل العمل الأهلي كوسيلة تحكم في المجتمع ومراقبة واحتواء الدولة لعمل ما أصبح يعرف اليوم بالمجتمع المدني، باعتبار الحزب كان هو الدولة وايدولوجيته هي التي كانت تخطط لسياسة الدولة في الداخل والخارج ومن ثم ظهرت الحاجة إلى إنشاء هذه المنظمات وفق النمط الاشتراكي الذي كان معمولا به في الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية آنذاك. وانطلاقا من الغايات، اتخذت هذه المنظمات كوسائل لتعبئة الجماهير في كل المستويات للتهليل لسياسة الحزب خاصة بمناسبات الانتخابات والحملات التي تسبقها فحظيت، هذه المنظمات الجماهيرية بمكانة مهمة داخل الحزب ووفرت لها وسائل مادية وموارد مالية كبيرة، بهدف استعمالها كأداة لنشر مبادئ وأفكار الثورة الاشتراكية في أوساط الجماهير بالكيفية التي يفهمونها ويقتنعون بها، إذ نجد أن هذا التنوع من الجمعيات العملاقة من حيث عدد المنخرطين، يمس شرائح المجتمع بكاملها أو جلها مثل العمال، المجاهدين، أبناء الشهداء، النساء الشباب والفلاحين، كما تجدر الإشارة إلى أن دستور 1976 نص على ضرورة عمل المنظمات الجماهيرية على تهيئة أوسع لفئات الشعب لتحقيق كبريات المهام الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تتوقف عليها تنمية البلاد . ورغم استمرار المنظمات الجماهيرية في لعب دور الأذرع الحقيقية التي يتحرك بها الحزب في جميع الاتجاهات وعلى جميع المستويات، فإن دورها التعبوي الذي لعبته فعلا سنوات السبعينيات والثمانينيات في حشد الجماهير للعمل ضمن الثورة الزراعية مثلا، تراجع نشاطها بشكل كبير في السنوات الأخيرة بعدما تحولت إلى تجمعات طفيلية لا تقوم بأي دور معلوم ولا نشاط في الميدان، اللهم الجري وراء المصالح والحسابات السياسوية والبحث عن الريوع، بل أصبح العمل الحزبي أصلا بدوافع الربح المادي أو المصلحي، وأصبحت هذه لا يلتم لها شملا إلا بمناسبة المواعيد الانتخابية. كما دخل الحزب المنافس للأفلان على عرش العمل السياسي حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ليصبح الخصم العنيد للحزب العتيد وسرق منه منظماته الجماهيرية فتحول الاتحاد العام للعمال الجزائريين عن خط الولاء للأفلان إلى الأرندي، وتبعته النساء الجزائريات والكشافة الإسلامية، وقصمت الانقسامات ظهر المنظمات التي بقيت على عهدها لجبهة التحرير فانتقلت الحركات التصحيحية من الحزب لمنظماته الجماهيرية مثال الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية والطلبة الجزائريين مثالا حيا على ذلك. لإسكات الأصوات المعارضة للعهدة الثانية بلخادم يريد "ضربة قاضية" بتزكية المندوبين فور انطلاق المؤتمر يسعى الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم لاعتماد طريقة جديدة في انتخاب أعضاء اللجنة المركزية للحزب، من خلال تكليف المحافظات بانتخاب أربعة أسماء من بينهم امرأة لتتولى القيادة، تضاف إليها القائمة الوطنية، مما سيضمن للقيادة الجديدة ولاء ثلثي أعضاء اللجنة المركزية على الأقل. وستخلف اللجنة المركزية كلا من المجلس الوطني والهيئة التنفيذية، وستشمل 325 عضو، من بينهم أربعة أسماء عن كل محافظة يتم انتخابهم من قبل المناضلين على مستوى الولايات، إلى جانب 10 ممثلين عن الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، وكذا 10 أعضاء آخرين من المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، في حين سيتولى الأمين العام انتقاء باقي تشكيلة اللجنة المركزية، في إطار ما يعرف بالقائمة الوطنية التي تضم أسماء وطنية معروفة، وستمكن هذه التشكيلة الأمين العام من تمرير كافة النصوص التي سيتم مناقشتها من قبل المؤتمرين، بما فيها القانون الأساسي للحزب، طالما أنه سيضمن ولاء حوالي ثلثي اللجنة المركزية. وتم الاتفاق على العودة إلى الهيكلة السابقة للحزب العتيد، بعد أن تبين عدم جدوى الهياكل القديمة التي أثقلت الحزب، بالنظر إلى تواجد عدد من الهيئات التي ساهمت بشكل بارز في حدوث بعض الخلافات نتيجة تضارب الرؤى، إلى جانب إصرار الكثير من المناضلين على الطعن في شرعية أعضائها من خلال التشكيك في ماضيهم النضالي. وتتوقع مصادر مقربة من جبهة التحرير الوطني أن يحدث المؤتمر التاسع للأفلان تغييرا جذريا في القيادة الحالية، باستثناء الحفاظ على الأمين العام الحالي عبد العزيز بلخادم، وكذا بعض الأسماء الموالية له على مستوى المكتب السياسي الذي يتولى الأمين العام تعيينه، بصفته القائد الأول للحزب. ووفق ما تؤكده المصادر ذاتها فإنه ثمة سيناريو يمكن أن تلجأ إليه القيادة الحالية للأفلان بغية ضمان عهدة جديدة، من خلال إقدام المندوبين فور إعلان افتتاح أشغال المؤتمر التاسع على تعيين بلخادم رئيسا لمكتب المؤتمر، ومن ثم تزكيته كأمين عام للحزب لعهدة ثانية، وسيتم ذلك قبل قراءة التقرير المالي والأدبي للحزب، وهي الطريقة التي ستغلق الباب أمام كافة المعارضين لتولي بلخادم الأمانة العامة من جديد، وستعطيه القدرة على تسيير كافة أشغال المؤتمر بشكل يغلق الباب أمام كل الأصوات المعارضة، التي بدأت تبرز بقوة مع انطلاق عملية انتخاب المندوبين، بحجة أنها لم تخضع للقواعد الديمقراطية، وكرست الممارسات القديمة التي طبعت عهد الحزب الواحد. ويراهن الحزب العتيد على المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مقارنة بشريكيه في التحالف الرئاسي، وهو ما جعله يعيد النظر في تركيبته الداخلية ويؤسس لهيكلة جديدة، تمكن القيادة من لعب دور فعّال في الاستحقاقات القادمة.