قال الروائي الحبيب السايح إنّ روايته "زمن النمرود" التي تمّت مصادرتها خلال حكم الشاذلي بن جديد تعدّ الوحيدة التي واجهت سلطة الحزب الواحد وفضحت أساليبه التي كان يستعملها للسيطرة إيديولوجيا وثقافيا على الواقع. وأشار إلى أنّ مصادرة العمل شكلّ له صدمة نفسية بعدما حاصر بيته "أتباع" الحزب الواحد، وتحتّم عليه هجرة مدينته نحو الصحراء. استرجع الحبيب السايح لدى نزوله ضيفا على "منصات سيلا 2016"، أبرز محطات الكتابة لديه، فتوقف عند "تلك المحبة" و"تماسخت" و"كولونيل الزبربر" و"زمن النمرود"، عن الأخيرة أكدّ أنّ ما يبقى منها في ذاكرته هي ليلة حصار منزله في 8 أوت 1985 من طرف مجموعة من الشباب وغير الشباب بعد تهييج الحزب الواحد لهم، بسبب تعريته لواقع مدينته وأمراضها "القبلية" و"العروشية" التي تتم على أساسها الانتخابات. وأشار السايح إلى أنّ روايته واجهت الحزب الواحد وعرّت أساليبه الممقوتة، لافتا أنّ الرواية بعد صدورها حققت انتشارا واسعا وما كان على السلطة إلا أن أمرت وزارة الثقافة بحجز الرواية، حيث صودرت في الخريف (سبتمبر) الذي تلى نشرها في ماي 1985، إلى جانب طحن النسخ التي كانت موجودة في مخزن بباب الواد. ولم يخف المتحدث أنّ المنع سبب له صدمة كبيرة: "كنّا نحن اليساريين نناضل من أجل أن تعطى للطبقة الكادحة الأرض والقرى ومختلف الحقوق، لكن هم من جاؤوا لمحاصرتي". وأكدّ في السياق أنّه لم يجد دعما من التنظيم الذي كان ينتمي إليه وترك وحيدا، حيث تحتم عليه هجران مدينته لمدة 8 أشهر. وكشف صاحب "زهوة" أنّه لن يعيد نشرها لتبقى وصمة عار في جبين التاريخ، فالحزب الواحد هيّج الحشود ضده. وبخصوص "كولونيل الزبربر" آخر أعماله، قال المتحدث إنّ فكرة كتابتها بدأت بمحاولته تتبع آثار المؤرخين للثورة الجزائرية، حيث وجد أنّهم يقفزون من قضية إلى أخرى رغم أهميّتها وبالتالي -حسب السايح- كل المسكوت عنه في حرب التحرير يشغل بال الجزائريين لكون التاريخ بصورة ما لم يكتب بأقلام جزائرية وكتب أغلبه فرنسيون، وذكر أنّه اطلّع في الشبكة العنكبوتية على جملة من الأحداث التاريخية غير المستنطقة وراح يتخيل المواقع والقضايا التي قفز عليها التاريخ.. ويضع لها الشخوص. وعن"الزبربر" أوضح أنّها كلمة ضخمة لها دلالات كثيرة أولا هي منطقة من أهم مناطق جيش التحرير الوطني ومنطقة شهدت أعنف المعارك في فترة التسعينيات. وفي تعقيب للروائي واسيني الأعرج على مداخلة الحبيب السايح قال إنّ عودة السايح إلى الكتابة بعد توقف دام 13 سنة، هي أكبر صفعة وجهها للقتلة، والكاتب لا يملك إلا وسيلة الكتابة، عاصرته في فترات الأزمة". وتابع: "صديق اليوم ليس هو صديق "الحصلة" (الشدّة)، أعرف عميقا مدى إحساسه ولمّا أقرأ له أشعر بذلك الأسى وبتلك المرارة والخيبة.. وتكتب عن أحلام الشعب.. لكن بعد سنوات تكتشف أنّ ما كنت تعمل به بارود فارغ". وكتاب كما الحبيب السايح تحولا إلى نحاتين على الحجر".