قدمت الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) مشروع قانون جديد يعترف بمسؤولية فرنسا في التخلي عن المرحلين من الجزائر أو من يعرفون بفرنسيي الجزائر من أقدام سوداء وغيرهم، واتهم الجزائر صراحة بارتكاب ما زعم أنها مجازر وتعذيب واغتصاب وابتزاز واضطهاد في حق من سماهم فرنسيي الجزائر غداة الاستقلال في 5 جويلية 1962. ويأتي هذا المشروع أسابيع قليلة بعد تقديم ذات المجلس مشروع قانون آخر، يتهم الجزائر بارتكاب مجازر في حق الحركى قبل وبعد استقلال الجزائر. وقدم مقترح مشروع القانون الذي اطلعت "الشروق"عليه، 15 نائبا فرنسيا وتم تسجيله لدى رئاسة الجمعية الوطنية الفرنسية في 21 ديسمبر 2016، تحت مسمى "مقترح قانون يهدف إلى الاعتراف الرسمي بمسؤولية الدولة الفرنسية في الإهمال والمجازر التي تعرض لها الفرنسيون المرحلون"، وتمت الإشارة إلى أن المقترح تمت إحالته على لجنة القوانين الدستورية والإدارة العامة للجمهورية الفرنسية". وفي عرض الأسباب، ذكر أصحاب المزاعم أنه بعد 50 سنة من استقلال الجزائر، ما زالت أجيال الفرنسيين المرحلين تتطلع للاعتراف بما حدث لها، ولفت هؤلاء إلى أنه تمت المصادقة على عدة قوانين تهدف إلى إيجاد حلول لضحايا حرب الجزائر، مشيرين إلى أن الدولة مطالبة بإيجاد صيغة تهدئ بها أولئك الذين وجدوا أنفسهم في قلب أحداث مأساوية عام 1962 وتعترف قانونيا بمعاناتهم والتضحيات التي قدموها. وبحسب المدّعين فإن هؤلاء المواطنين فقدوا خلال هذه الفترة ممتلكات مادية، وتركوا بيوتهم وفقدوا أقاربهم ومهنهم وتجارتهم وصداقاتهم وذكرياتهم، بسبب قرار سياسي بدا لهم أنه غير عادل وغير قابل للفهم والاستيعاب. واتهم أصحاب المقترح صراحة الجزائر بارتكاب ما وصفوها "مجازر بحق مواطنين فرنسيين عقب التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار".. وورد في هذا الخصوص: "المجازر التي تعرض لها مواطنون فرنسيون التي أعقبت وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 لا تحتاج إلى أن يتم إظهارها وإبرازها، لقد كانت هناك اغتيالات عديدة وعمليات اضطهاد، واغتصاب وتعذيب ونهب واختطاف، وإلى اليوم بقيت من دون أي عقاب، والدولة الفرنسية اختارت ألا تحمي مواطنيها وهذا القرار وجب أن يتم تصليحه" !. وورد مشروع القانون في 7 مواد قانونية، خلافا لقانون الحركى الذي ورد في مادة واحدة. وجاء في المادة الأولى أن الدولة الفرنسية تعترف رسميا بالمعاناة والابتزاز الذي تعرض له مواطنو فرنسابالجزائر ما بين 19 مارس 1962 و31 ديسمبر 1963، بسبب انتمائهم العرقي والديني أو السياسي. ونصت المادة الثانية على أن الأرشيف يجب أن يتم فتحه أمام الباحثين والمؤرخين من أجل القيام بأبحاث على هذه الفترة التاريخية، في حين ورد في المادة الثالثة أن الدولة تؤدي تعويضا نقديا يتلاءم والمعاناة المتعددة سواء جسدية أو معنوية أو بسيكولوجية، التي تعرض لها فرنسيو الجزائر، للذين يقدمون طلبا بذلك، ويجب على الدولة الفرنسية أن تقوم بتصليح كلي أو جزئي للأضرار المادية والاقتصادية الناجمة عن قرار الالتزام بالإخلاء للأملاك المنقولة وغير المنقولة لفرنسيي الجزائر التي كانوا هم المالكون لها في الجزائر. وتطرقت المادتان الرابعة والخامسة إلى عملية مسح الديون "للمرحلين من الجزائر"، حيث وفي انتظار دفع المستحقات المنصوص عليها في المادة الثالثة، وتمنع الأشخاص الدائمين لهم سواء كانوا طبيعيين أم معنويين من أي متابعة ضد هؤلاء المواطنين من طرف أصحاب المستحقات. أما المادة السادسة من المقترح الاستفزازي، فورد فيها مهلة عام واحد من تاريخ نشر القانون لإخطار السلطات المخولة للاستفادة من تدابير القانون، سواء تعلق الأمر بطلب جار النظر فيه أم بطلب يتم تقديمه لأول مرة من طرف الفرنسيين المرحلين من الجزائر، ويمكن لذوي حقوق المعني أن يقدموا طلبا باسمه أو الأشخاص المعنويين (مؤسسات). أما المادة السابعة والأخيرة فتطرقت إلى الأعباء الناجمة عن عمليات التعويض لفرنسيي الجزائر، حيث نصت على أنها تعوض عن طريق اعتماد رسم إضافي للمادة 575 و575 أ من القانون العام الفرنسي للضرائب.