صورة من الأرشيف بعد أن كان الجزائريون يخرجون إلى الشارع للتعبير عن انشغالاتهم ومشاكلهم اليومية المتعلقة بأزمة السكن أو غياب ضروريات الحياة من ماء وطريق وغاز طبيعي .. إلخ، واتخاذ الاحتجاج كوسيلة لإيصال همومهم وأصواتهم إلى المسؤولين المعنيين، ظهرت مؤخرا أزمة جديدة لم تكن تخطر على بال أحد، وهي انعدام وقلة المقابر والأماكن المخصصة لدفن الموتى، رغم أن ذلك يعتبر من أبسط ضروريات ومن أبجديات تكوين أي قرية أو دوار أو تجمع سكني .. أقدم العشرات من المواطنين القاطنين بمشتة قلودة التابعة لبلدية بوحاتم بولاية ميلة على قطع الطريق الوطني رقم 152 الرابط بين بلدية أحمد راشدي وشلغوم العيد بواسطة المتاريس والحجارة بالإضافة إلى حرق العجلات المطاطية في وجه حركة المرور، الأمر الذي تسبب في شلل تام لحركة السير مما خلف طابورا طويلا من السيارات والشاحنات، مطالبين السلطات المحلية بتخصيص قطعة أرض من أجل دفن موتاهم كون مقبرة المشتة أصبحت الآن ممتلئة عن آخرها ولا تتسع للمزيد من الأموات بالإضافة إلى انهيار جزء كبير منها المحاذي للوادي نتيجة الأمطار، وقال أحد المواطنين إنه نقل جثمان قريب له إلى منطقة بعيدة بحثا عن مدفن له واستغلوا الفرصة أيضا للمطالبة بتزويد المنطقة بشبكة للمياه الصالحة للشرب خاصة مع قدوم فصل الحر، كما طالبوا بتركيب الإنارة العمومية عبر شوارع المشتة مع تهيئة الطرق الثانوية بداخلها وفتح المستوصف لسكان المنطقة من أجل الاستفادة من خدماته والذي ظل مغلقا منذ عدة سنوات بعد تشييده، وقد تنقل رئيس الدائرة رفقة رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية بوحاتم مصحوبين بمصالح الدرك الوطني لتهدئة الأوضاع وإقناع المحتجين بفتح الطريق، مع القيام بزيارة ميدانية داخل المشتة للوقوف على تلك المطالب من أجل الوصول إلى حل للأزمة. وطالب المحتجون بضرورة حضور والي الولاية شخصيا. للإشارة، السكان قطعوا الطريق من جديد في ساعة مبكرة من صباح أمس لليوم الثاني على التوالي. والمثير في الأمر أنه لأول مرة يخرج فيها السكان للمطالبة بتوفير وتخصيص مقبرة حتى يتمكنوا من دفن موتاهم، هذه الظاهرة تعكس الوضع المخزي الذي وصلت إليه الكثير من المقابر على المستوى الوطني، حيث تحول بعضها إلى أوكار للمنحرفين والمدمنين، وبعضها الآخر يعاني الإهمال وغزتها الأوساخ والقاذورات، فيما احتلت أخرى لتتحول إلى أحياء سكنية للأحياء وليس للأموات، يحدث هذا في الوقت الذي تعاني فيه العاصمة التي تضم أكبر كثافة سكانية أزمة حقيقية في توفير قبور للموتى، وإن توفرت فيصل سعرها إلى الملايين للمتر المربع الواحد، نتيجة تشبع أغلبها وتزايد السكان وبالتالي عدد الموتى، وعدم تخصيص أماكن أخرى وتهيئتها كمقابر وهو ما يستدعي تحركا عاجلا للتفكير أيضا في الموتى وإكرامهم بقبر لائق.