يلقب بشيخ المدينة .. من الرواد الأوائل الذين ادخلوا أغنية الشعبي إلى الشرق الجزائري وبالضبط إلى مدينة عنابة.. معروف بتواضعه وحكمته وولعه الشديد بالشيخ قروابي .. يكشف الفنان إبراهيم باي في هذا اللقاء مع الشروق تفاصيل جديدة ومهمة عن مسيرته وعن حياته وعائلته وعن علاقته بالفريق الوطني وبفريق اتحاد عنابة. تلقب في عنابة بشيخ المدينة.. حدثنا عن بداياتاك مع أغنية الشعبي ؟ بدايتي كانت بفضل أخي المرحوم حسين الذي هو من وضعني على هذا الطريق ومعه صقلت موهبتي خاصة بعد بدايتي الناجحة وإعجاب الكثيرين بصوتي انطلقت مسيرتي الفنية رسميا عام 1960...
يعني أنك دخلت الوسط الفني قبل استقلال الجزائر؟ نعم.. لقد كانت البداية صعبة وكنت في رحلة الانتشار والظهور خلال السنوات الأولى للاستقلال وذلك بإحيائي للأعراس وكنا وقتها نجمع "الرشقة" أي المنح المالية للحاضرين ونجمع في أحسن الحالات مبلغ 200دج ونقدم كل ما نجمعه للعريس لنسعده في بداية حياته الجديدة التي تتطلب الكثير من المصاريف والأعباء.
من هي الأسماء الفنية أو المدارس التي تأثر بها إبراهيم باي في بداية مشواره الفني؟ صوتي يشبه كثيرا صوت المرحوم الهاشمي قروابي وأنا لا أتعمد ذلك وأكره التقليد لكن كل من كان يسمعني يقول أني نسخة طبق الأصل عن العملاق قروابي الذي كان وما يزال وسيظل مدرسة وأعشق كل أغانيه بجنون وأي أغنية كان يصدرها أحفظها فور سماعها بعد ربع ساعة على الأكثر وأطرب بها جمهوري في الأعراس. لماذا ركزت على الأعراس وأهملت سوق الأشرطة.. ؟ صحيح مسيرتي انطلقت عام 1960 ، لكن أول شريط سجلته كان عام 1988 وهذا الأمر يعود لغياب المنتجين بعنابة وغياب التحفيزات من جهة وكثرة الصعوبات من جهة ثانية.. ما جعلني أكتفي بعد كل هذا العمر بحوالي 20 شريطا فقط...
وما هي الأغاني التي لا تنساها.. ؟ غنيت العديد من القصائد وكنت دائما أفضل أن يكون الحكم النهائي للجمهور. والحمد لله أغلب الأغاني التي غنيتها لاقت إقبالا كبيرا. وبالعودة إلى سؤالك.. لدي قصة كتبتها على شكل أغنية وعنوانها "ظلامت عليا البيت" وقد استغرقت مني 10 سنوات كاملة وبعد أن أنهيتها وراجعتها وقرأتها على المقربين مني فشجعوني على خوض التجربة أعطتني هذه القصيدة الشجاعة لدخول سوق الكاسيت..
أنت معروف أيضا بأغانيك الرياضية التي لا يزال المناصرون يرددونها.. فعلا ..غنيت لاتحاد عنابة ثلاث مرات الأولى "اوياسما عنابة مومو لعيان" ثم "هي هي حمرة الألوان" وآخر أغنية عنوانها "هذا عامك والسعد جاك".. وهذا لأن اتحاد عنابة فريقي المفضل بعد المنتخب الوطني طبعا وبعده أشجع كل ناد يمثل الجزائر بالوانها الوطنية ويرفع الراية عاليا.
غنيت لاتحاد عنابة ونجحت.. ألم تفكر في الغناء للمنتخب الوطني؟ فكرت في هذا الموضوع فعلا بعد أن احتدم الصراع بيننا وبين المصريين في عام 2009 بعد الحادثة الشهيرة عندما ضربت حافلة الخضر ثم مباراة أم درمان وما أعقبها من سجال إعلامي وتجاوزات في حق الجزائر دولة وشعبا وشهداء. لكني لم أجد الكلمات المناسبة التي من شانها أن تكون في مستوى الحدث وبعدها وأثناء كل محاولة في هذا السياق، اصطدم بعامل اللاستقرار الذي يعيشه المنتخب الوطني في السنوات الأخيرة حيث نسمع في كل مناسبة عن تغييرات جديدة ومتتالية.. اللاعب الفلاني تم الاستغناء عنه وتم جلب اسم جديد وهكذا.. ما جعل الفكرة تبقى مجرد فكرة إلى إشعار غير مسمى.
اتحاد عنابة فريقك المفضل، لكننا لم نعد نراك في الملعب كما عهدناك منذ سنوات؟ التنقل إلى الملاعب لم يعد أمرا مشجعا، فأنا لم أتنقل إلى الملعب منذ المواجهة الحاسمة التي لعبها اتحاد عنابة ضد وفاق سطيف للصعود لبطولة الدرجة الأولى والتي أذكر جيدا أن الملعب كان مكتظا عن آخره في ساعات مبكرة جدا وكان ابني وقتها صغيرا وألح على مشاهدة المباراة فلم نجد سوى الصعود إلى سطح عمارة مقابلة لملعب شابو ويومها كان الحزن كبيرا لان المواجهة انتهت بتعادل لم يكن كافيا لتحقيق حلم الصعود.
وماذا عن مباريات الخضر؟ عندما لعب المنتخب الوطني هنا بعنابة ضد المغرب تنقلت رفقة مجموعة من الأصدقاء إلى ملعب 19 ماي لكني يومها اكتفيت بمتابعة الشوط الأول فقط وسعدت لهدف حسان يبدة من ضربة جزاء لكن الأداء العام لم يعجبني فغادرت الملعب لأني تخوفت من أن تنقلب علينا الأمور في الشوط الثاني.
وهل تابعت المواجهات الأخيرة للخضر؟ تألمت كثيرا لخسارتنا أمام نيجيريا ما جعلني أجزم وقتها بأن مشاركتنا في تصفيات كاس إفريقيا 2017 للأمم وهو ما حدث فعلا. إلى اليوم لم أفهم سبب هذا التقهقر في الأداء رغم توفر كل الإمكانيات من طائرات خاصة وفنادق فخمة وعلاوات خيالية في بعض الأحيان.. لكن لم نجني منهم سوى الكلام.. هذا الأمر لم يعجبني لأنه صعب تحقيقه ما يجعلني أقول أنهم رجال أقوال لا أفعال وهنا أود أن أرسل للفريق الوطني وللقائمين على الشأن الكروي اليوم رسالة.
تفضل.. عليكم أن تسعدوا هذا الشعب الذي يعاني من مرارة الحياة وكثرة أعبائها.. عندما تلعبون ينسى كل شيء فعليكم أن ترفعوا الراية عاليا وأن تسعدوه وتضعوه في المقدمة وبعدها لكم من الأموال ما تريدون وعليه اجعلوا فرحة هذا الشعب وسمعة هذا الوطن فوق كل اعتبار وأول الأولويات. يلزمنا الفوز في كل المناسبات القارية والدولية القادمة وأن تكون الكرة الجزائرية حاضرة في كل المحافل الكروية وهذا الأمر بكل صراحة صعب جدا وعليه أنا لست متفائلا ولكن لا يمكن أن نتوقع الكثير في ظل المعطيات الحالية وعلينا انتظار ما ستسفر عليه التغييرات الحاصلة على مستوى "الفاف" وأكيد أننا نتمنى الخير لهذا الفريق وللمدرب القادم في مهمة بلوغ مونديال روسيا 2018
والى أي مدى أنت متفائل بمستقبل فريق اتحاد عنابة في السنوات القادمة؟ اتحاد عنابة حكاية أخرى ولو أنه هو أيضا طال بقاؤه في الأقسام الدنيا وهذا أمر غير مقبول لأن عنابة كبيرة ومكانتها مع الكبار والملاحظ في هذا الموضوع هو أن كل شيء يتقهقر في هذا الفريق ما عدا الأنصار الذين أحييهم بالمناسبة على مساندتهم المطلقة لفريقهم فتجد شابا بطالا يفعل أي شيء ومستعد حتى ليبيع ملابسه لأجل توفير ثمن التنقل أو تذكرة الدخول إلى الملعب. هذا أمر مؤثر وأتمنى من مسؤولي الفريق أن يكونوا على قدر المسؤولية وأن يكونوا فريقا بحجم طموحات الأنصار.
هل مارست كرة القدم في صغرك؟ كرة القدم هي الهواء الذي نتنفسه جميعا وكنت ألعب مع أترابي في مباريات ما بين الأحياء وكنت ألعب "بفردة تاع بوط" أقطعه ليكون على شكل حذاء رياضي وألعب كجناح طائر لأني كنت أتميز بسرعة فائقة، وأخي الأكبر مني الهادي الذي كان له مشوار كروي مميزا لدرجة أنه تم تصنيفه كأحد أفضل لاعبي شمال إفريقيا..
صراحة هل تسمح أن يقتحم ابنك المجال الفني.. ؟ لا وألف لا... لقد عانيت كثيرا في رحلتي الفنية ولا أرضى لابني أن يعيش نفس الصعوبات التي مررت بها وله الحرية في أن يختار أي تخصص يريد وأي مهنة يحلم بها إلا عالم الفن.
تلقب بشيخ مدينة عنابة .. ماذا يعني لك هذا اللقب؟ أولا.. أنا متنازل عن لقب شيخ المدينة لأنه مجرد اسم وفقط "الاسم غالي والمربط خالي" والسبب أنهم أخرجوني من المدينة ومنحوني سكنا في منطقة بوزعرورة ولم يهتموا بحالي وأخرجوني غصبا من المدينة وهذا أمر حز في نفسي كثيرا ولهذا فأنا عبر الشروق أطلب أن يمنحوا لقب "شيخ المدينة" لأي شخص آخر أما أنا "فحقرتهم لي قتلتني".
هل من توضيح وتفصيل أكثر في هذا الموضوع ؟ حصلت على سكن اجتماعي يوم 18 جويلية الماضي لكن بمنطقة بوزعرورة البعيدة جدا عن وسط المدينة، وفي هذا القرار لم يأخذوا في الحسبان حالتي الاجتماعية فأنا لا أملك سيارة بل ليس لدي حتى دراجة وبالمقابل أب ل4 أبناء (3 بنات وشاب). ولهذا تجدني "طالع هابط" بين القرية التي نفوني إليها ووسط المدينة وما زاد من الصعوبة هو أن ابنتي الصغرى تدرس بالثانوية التقنية بوسط عنابة ومع الظلام الدامس في فصل الشتاء وقلة وسائل النقل فأنا أعاني معاناة فظيعة لدرجة أن حالتي النفسية ساءت فرقدت في مستشفى "ضربان" لمدة 5 أيام كاملة..
سلامتك يا شيخ وكيف هي أحوالك الصحية الآن؟ الحمد لله على كل حال أنا بخير وعبر الشروق أطمئن كل المعجبين بفني بأني في صحة جيدة لكن التغيير الذي حدث في حياتي أثر عليا بالسلب ولم لأحتمل الضغوطات. معاناتي كانت نفسية فقط، أما غير ذلك فمؤخرا أحييت عرسا وسجلت حضورا قويا وأطربت كل من حضره... لكن هذا هو الفنان عندنا يعاني في صمت ولا أحد يساعده..
وما هي المساعي التي قمت بها لإيجاد حل لهذا المشكل؟ راسلت والي عنابة وقتها يوسف شرفة وكذا مدير ديوان الترقية والتسيير العقاري وتلقيت وعودا بإعادتي للمدينة وأنا في انتظار تجسيدها لكن. منذ 18 جويلية وأنا مقيم بقرية بوزعرورة ولم اجري أي أشغال أو تعديلات، لم أرتب البيت وتركت كل شيء كما هو في انتظار قرار ترحيلي لدرجة أنه حتى التلفزيون لم أشغله منذ ذلك التاريخ.. وهنا أود توجيه رسالة إلى المسؤولين.. أرجوا تفهم وضعيتي ومساعدتي، ليس لأني مطرب شعبي ولو أن هذا الأمر لا يسمن ولا يغني من جوع فنحن نعمل مع الشعب ونسعدهم وفقط ولا نحصل على أي امتيازات مادية، وما يحز في نفسي هو أن وضعيتي الاجتماعية وظروفي المالية لا تسمح لي بأن أكون بعيدا عن وسط المدينة.
بم تود أن نختتم هذا الحوار؟ أتمنى النجاح للجزائر وكل الجزائريين ويجب أن نكون جميعا يدا واحدة ونعمل لازدهار هذا الوطن بصدق وإخلاص وشكرا للشروق على هذا الحوار.