لم أفهم سرّ تحامل بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض المحسوبين على الفقه والفتوى في الجزائر، تجاه بعض لاعبي المنتخب الجزائري لكرة القدم، ومنهم رياض محرز وياسين براهيمي، عندما نشروا صورهم وهم يؤدون مناسك العمرة، قرب الكعبة الشريفة، مرتدين لباس الإحرام ومُطلقين ابتسامة فرح. فبعد أن دخل البعض في تحريم صور "السيلفي"، واعتبر البقية نشر الصور على "الفايس بوك" نوعا من الرياء، الذي ينسف النية والإحرام، بلغ البعض درجة الحكم ببطلان سنّة العمرة، ووصفوا المناسك التي قام بها هؤلاء اللاعبون، أشبه بلعب وترفيه لا يختلف عن مباراة ودية في كرة القدم. قد يكون في إقدام هلال سوداني الذي يلعب في كرواتيا وياسين براهيمي الذي يلعب في البرتغال، وعدلان قديورة ورياض محرز اللذين يلعبان في إنجلترا، على أخذ صورة جماعية في الحرم المكي، فيه بعض المآخذ، كما في الكثير من سلوك معتمرينا وحجاجنا الذين يأتون بالمكروه والمنهي عنه، إلا أن تجاوز مرحلة الصمت أو النصيحة تجاه هؤلاء، إلى إطلاق فتاوى البطلان والتحريم، هو في حد ذاته تجاوز خطير، في حق الدين الإسلامي، وفي حق إنسان ربما اجتهد فلم يصب، إن فرضنا أن ما أقدم عليه اللاعبون مجرد تهريج ورياء على حدّ تعبير بعض السابحين في مواقع التواصل الاجتماعي الذين نصّبوا أنفسهم علماء، وحكاما يمتلكون مفاتيح الجنة.. وحتى النار. منذ أن بدأت المعركة التي تريد الشرذ بالإسلام، من خلال اتهام أهله بالتخلف والإرهاب، صار لقادة هذه المعركة جنودا في عالم الفن والثقافة والسياسة والرياضة، فهم يقدمون صورة المسيحي كريستيانو رونالدو وهو برفقة طفل معوق قادم من العراق، وصورة الفنانة المسيحية جنيفير لوبيز وهي تساعد صوماليا مسلما طعنه الجوع، وصورة الرئيس الفرنسي المسيحي ماكرون وهو يسوق دراجته أمام الناس بكل تواضع، وفي المقابل يقدمون صور الموت والقتل والظلم، وبعضها من نسج خيالهم، من سوريا وباكستان والعراق والمملكة العربية السعودية، بينما تثور الدنيا، وتتهاطل الاتهامات بمجرد أن تُقدّم صورة لأحد مشاهير المسلمين، ويظهر المفتون الذين ما صارت لهم من وظيفة سوى التعليق والحُكم على ما يأتي به بعض الناس، من دون تقديم أي نصيحة على الأقل. لقد قرّر ميسي وغيره من نجوم كرة القدم في العالم، ألا يُظهروا فرحتهم إلا وهم يرسمون الصليب على ملامحهم، وردّ بعض اللاعبين من دون أدنى تأطير من رجال الدين، بالسجود شكرا لله في ملاعب العالم أمام أنظار الملايير من عشاق اللعبة، وزاد الأمر في تنقل الكثيرين منهم، كما حدث مع نجم ريال مدريد كريم بن زيمة ومانشستر يونايتد بول بوغبا، إلى البقاع المقدسة لأداء مناسك العمرة، وبدلا من أن يجدوا الدعم والمساندة أو النصيحة، ضمن قاعدة المجادلة الإسلامية بالتي هي أحسن، وجدوا من يجلدهم، ويصف سجودهم ومناسك عمرتهم بالباطل، وحتى بالنفاق!