وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يواجه ضغوطاً داخلية بسبب شبهات بحصول تواطؤ بين أفراد من فريقه الانتخابي وروسيا، صباح الخميس، إلى باريس حيث يحل ضيف الشرف على نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارة تستمر يومين. يخصص ترامب الذي حطت طائرته الرئاسية في مطار أورلي في باريس، فترة قبل الظهر للقاء موظفين مدنيين وعسكريين أمريكيين في إطار زيارته التي تندرج في الذكرى السنوية لمشاركة بلاده في الحرب العالمية الأولى. وتشهد الزيارة مراسم رسمية وعسكرية في مجمع "إينفاليد" وزيارة لضريح نابليون ولقاء في القصر الرئاسي وعشاء للرئيسين مع زوجيتهما في أحد مطاعم برج إيفل وعرض عسكري بمناسبة اليوم الوطني في 14 جويلية. من المتوقع أن يتيح البرنامج الذي أعدته الرئاسة الفرنسية لترامب أن يبتعد ولو مؤقتاً عن المتاعب التي يواجهها في الداخل إذ بات نجله البكر في قلب قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام 2016. وتزور السيدتان الأوليان بريجيت ماكرون وميلانيا ترامب كاتدرائية نوتردام في قلب العاصمة قبل أن تقوما بنزهة على نهر السين. وقال مسؤول أمريكي رفيع أن ترامب "متحمس جداً وكذلك السيدة الأولى. فزيارة ثنائي مثل ماكرون في 'مدينة النور' أمر رائع". وأوضح الإليزيه من جهته "نحسن في العادة استقبال مدعوينا وسنحرص على أن تتم الزيارة بشكل جيد"، في محاولة لنفي أن يكون هذا الاستقبال الحافل شيكاً على بياض للرئيس الأمريكي المتقلب. وترتدي زيارة ترامب أهمية سياسية كبرى بالنظر إلى العلاقات الصعبة التي يقيمها مع دول عدة نتيجة تمسكه بشعار "أمريكا أولاً". كما أنها تأتي بعد أيام فقط على قمة لمجموعة العشرين شهدت توتراً بسبب إصرار الولاياتالمتحدة على اتخاذ موقف مغاير خصوصاً حول مسألة المناخ الأساسية.
مكافحة الإرهاب تشدد الرئاسة الفرنسية على التحديات الدبلوماسية ويقول ماكرون إنه يجب عدم "قطع العلاقات" مع الولاياتالمتحدة أو "عزلها" بل إعادة التأكيد على "الروابط التاريخية" بين الحليفين القديمين. ومن المقرر أن يعقد الرئيسان لقاء في الإليزيه بعد ظهر الخميس، قبل أن ينضم إليهما أعضاء من وفدي البلدين. وأوضحت الرئاسة الفرنسية، أن المحادثات ستركز خصوصاً للمسألة "التي توحد البلدين حالياً وهي مكافحة الإرهاب". وأقر مسؤول أمريكي بأن فرنسا ثاني دولة مساهمة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسوريا "شريك قريب جداً في المجال الأمني". إلا أن الإليزيه أوضح أن مواضيع الخلاف وخصوصاً المناخ "لن يتم تفاديها". وتولى ماكرون منذ قرار ترامب في مطلع جوان الماضي الانسحاب من اتفاق باريس حول المناخ، دور المدافع عنه معتمداً شعار "لنجعل كوكبنا عظيماً مرة أخرى" الذي يستعيد شعار حملة ترامب الانتخابية "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". إلا أن ماكرون أكد أنه لم يفقد الأمل في إقناع واشنطن بالعودة إلى الاتفاق. لكن الخبراء والدبلوماسيين يحذرون من الطبع المتقلب لترامب. يقول برتران بادي المتخصص في العلاقات الدولية "من الصعب جداً لعب الشطرنج مع شخص نجهل كل شيء عن إستراتيجيته وشعاره الأوحد تسخير كل شيء للمصلحة الوطنية الأمريكية. من العبث أن نتخيل أنه من الممكن إقناعه بتغيير موقفه". توافق جيد يقول المسؤول الأمريكي، أن الرئيسين الذي يبدو للوهلة الأولى أنهما على خلاف حول كل المسائل "لديهما الكثير من النقاط المشتركة في نظرتهما إلى العالم" كما هناك "توافق جيد" بينهما ماكرون (39 عاماً) الوسطي المؤيد لأوروبا وترامب (71 عاماً) الانعزالي المتقلب. وقال مصدر فرنسي "تربط بينهما علاقة عمل منفتحة جداً وصريحة وبناءة أيضاً". وفي مقابلة مشتركة مع صحيفة "أويست فرانس" الفرنسية و"فانكه" الألمانية، برر ماكرون دعوته لترامب في ذكرى اليوم الوطني برغبته في "الاحتفاء بالعلاقة التي لا يمكن تجاهلها على الصعيد الأمني". وأوضح ماكرون، أن فرنساوالولاياتالمتحدة "لديهما نقطة توافق أساسية هي حماية مصالحنا الحيوية سواء في الشرق الأدنى أو الأوسط وإفريقيا. تعاوننا مع الولاياتالمتحدة يحتذى به". من المفارقة أيضاً أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ستكون في باريس، الخميس، أيضاً حيث تترأس مع ماكرون قبل الظهر قمة فرنسية ألمانية. لكن من غير المقرر عقد أي لقاء بين ميركل وترامب. * * * * * * * *