الإفراج عن ألفي أستاذ بعد "حبسهم" لشهر كامل أفرجت وزارة التربية الوطنية، مساء الأربعاء الماضي، بتاريخ 12 من جوان، وعلى الساعة الثالثة بعد الزوال، على أكثر من 2000 أستاذ أعد بكالوريا 2008. * * كنا ننام ونستيقظ على تعليمة الوزير.. "أريد بكالوريا بدون أخطاء" * * حتى نحن كنا نجهل أي الموضوعين مرشحين لبكالوريا 2008 * * إلى جانب عدد كبير من موظفي المطبعة والعمال الذين تم وضعهم تحت خدمة »الكومندوس«.. "الشروق" تنقل شهادات المفرج عنهم ممن صنعوا بكالوريا 2008. * على مدار قرابة الشهر، ومنذ دخولهم إلى ثانوية الإخوة حامية بتاريخ 12 من ماي، تم عزلهم بصفة نهائية عن العالم الخارجي، حيث منع عليهم إدخال أي شيء، كما حرم على أي شخص الدخول إلى مكان الحجز (ثانوية الإخوة حامية) مهما كان وضعه، وفق تعليمة علقت تحت ختم الديوان الوطني للمسابقات والامتحانات أمام باب الثانوية. * * خضعنا لتفتيش صارم وحرمنا من إدخال أي شيء عدا ملابسنا * يتحدث أحد المفرج عنهم، وهو مفتش في التربية (رفض ذكر اسمه)، أنهم خضعوا لتفتيش دقيق ومشدد قبل دخولهم إلى المركز، بما فيهم مدير الديوان الوطني للمسابقات والامتحانات، و"كانت عناصر الأمن رغم علمنا تحرص على عدم إدخال أجهزة الهواتف المحمولة أو الشرائح، وخضعت حقائبنا التي استقدمناها للتفتيش ولم يكن في داخلها غير ملابسنا، وشددت الحراسة حتى على إدخال أي نوع من المواد الغذائية"، وضيف "وفي نفس اليوم الذي كنا نحن ندخل فيه إلى مركز التحضير، كانت شاحنات أخرى تدخل إلى المكان مرفوقة بالمواد الغذائية اللازمة، وكانت تخضع هي أيضا لمراقبة صارمة، وكان مجبرا علينا في اليوم الأول عدم التجول في فناء المركز". * * تم تقسيمنا إلى لجان وحرم علينا التنقل دون سبب * كانت هناك تعليمات صارمة يتحدث الأستاذ عنها بقوله: "كان ملزما علينا عدم التنقل أو الدخول إلى اللجان الأخرى دون سبب، حيث تم تقسيمنا إلى لجان مختلفة، بحيث كل أستاذ تابع للجنة، وهذه الأخيرة يرأسها رئيس يحدد صلاحية اللجنة، وكانت هناك تعليمات بتقسيمنا إلى أكثر من 200 لجنة، وكل لجنة تضم أكثر من سبعة أساتذة. كنا مقسمين إلى لجان خاصة بالنظام الجديد، ولجان خاصة بالنظام القديم، وكان عدد لجان النظام الأول يفوق بكثير النظام الجديد؛ لأن شعب النظام القديم تقدر ب 15 شعبة، وكل شعبة يراعى فيها موضعان اختياريان، كما أن عدد الممتحنين لهذا النظام أكثر، أما فيما يخص أساتذة النظام الجديد فكان هناك تشديد صارم بتفادي الخطأ كونها أول بكالوريا في إطار الإصلاحات. * تعليمة وزير التربية كانت تجعلنا نحرص أشد الحرص * أثناء صياغتنا لمواضيع شهادة البكالوريا، كان يطلب منا مدير الديوان أن لا تكون سهلة بما يجعل من بكالوريا الجزائر في غير المستوى العالمي، وأن لا تكون أيضا صعبة في غير متناول الجميع، غير أن أكثر التعليمات صرامة، تلك التي شدد فيها وزير التربية الوطنية قبيل الدخول إلى المركز بأن تكون خالية من الخطأ، وبأن أي خطأ سيحمل صاحبها المسؤولية كاملة، حسب شهادة أحدهم، الذي يؤكد، وهو الأمر الذي جعلنا نحرص أشد الحرص على صياغة موضوع دون خطأ، وجعل هامش الخطأ فيه 0 بالمائة. * مواضيع شهادة البكالوريا كانت عملية صياغتها تستدعي مراجعتها أكثر من 10 مرات، تمرر على الجميع قبل أن تمرر على رئيس اللجنة، الذي يطلب تعديل بعض الأسئلة ثم توجه إلى مدير المركز، وبدوره يقوم بتوجيه تعليمات إما لتعديلها أو إدخال إضافات أخرى. * عندما كنا ندخل إلى قاعات صياغة مواضيع البكالوريا، كان يطلب منا إنجاز على الأقل ثلاثة مواضيع اختيارية لكل مادة، وفي بعض المواد كنا نصل إلى صياغة خمسة مواضيع اختيارية، تقدم كلها لمدير المركز، وكنا نجهل أي المواضيع ستكون من ضمن مقترحات شهادة البكالوريا. ويقول الأستاذ أن بعض المواد كانت تكتسي أهمية بالغة، مثل المواد العلمية، والتي تستدعي دقة كبيرة في مراجعة مواضيعها. * * كل شيء متوفر ووجبات غذائنا كلها باللحم * يتحدث الأستاذ الذي مكث طوال فترة الإعداد للبكالوريا بالثانوية، أنه طيلة مدة الشهر كانت توفر لهم وجبات غذائية متوازنة، وكانت كلها باللحم والفواكه، كما كان الشاي والقهوة حاضرين. فترة العمل تبدأ في حدود الساعة التاسعة صباحا، نكون فيها قد تناولنا فطور الصباح، وكان يحرم علينا الاتصال بمعدي وجبات الإفطار. داخل المركز كان كل شيء متوفرا، بما فيها لجنة طبية رفيعة جدا، وكان بعض الأساتذة من لجنة التحضير لشهادة البكالوريا يتم معاينتهم بصفة دورية، بمن فيهم العمال، وفق رعاية صحية عالية جدا، وكنا نعلم أن لا أحد سيخرج من المركز حتى وإن كان للعلاج من المرض. أما عن بعض الأمور الأخرى، يتحدث أحد الأساتذة ممن سلمنا رقم هاتف بيته الأستاذ المفتش أنه كان حريصا على ممارسة الرياضة في الفترة الصباحية. * * عملية متابعة مواضيع البكالوريا كانت تتم حتى داخل المطبعة * طبع أسئلة مواضيع شهادة البكالوريا كانت تتم أيضا داخل المركز، وكان عمال المطبعة بدورهم مثل الأساتذة محرومين من الاتصال بذويهم، أي بالعالم الخارجي، ومحتجزين لمدة شهر داخل المركز. يتحدث أحد عمال المطبعة في لقاء مع جريدة "الشروق اليومي"، أن "طبع الأسئلة كان يتواصل لساعات متأخرة، وكانت لجنة خاصة بالطباعة تعيد مراقبتها والتأكد من عدم وجود أي خطأ مطبعي مهما كان". وفيما يخص أسئلة مادة اللغة الإنجليزية، أكد محدثنا أن "الورقة المزدوجة التي قدمت للطلبة كان ترقيمها التسلسلي في أسفلها، وكانت اللجنة تحرص على أن يكتب ويطبع كل حرف صحيحا بما فيه تشكيل المواد الأدبية". * هذا وأكد أحد الأساتذة في اتصال هاتفي معه، أن وزارة التربية الوطنية حرصت أيضا على عدم تسريب أي معلومات للصحافة حول أجواء المعسكر المغلق، مثلما كان يمنع وصول الجرائد إلى »الكموندوس« لمنع التشويش عليهم.