أكدت مصادر مطلعة ل "الشروق" إن القرارات التي اتخذها الوزير الأول، عبد المجيد تبون، والتي طالت العديد من المتورطين في القفز على قوانين الدولة والتلاعب بالمال العام، جاءت تطبيقا لبرنامج الرئيس وتنفيذا لقراراته وتوجيهاته. وتحدثت تسريبات عن استقبال الرئيس بوتفليقة لوزيره الأول خلال الشهر المنصرم، وكان محور هذا اللقاء هو التأكيد على وضع كل ملفات المشاريع والصفقات التي منحتها الدولة لجميع شركائها على الطاولة، والتحقق من مدى احترامها لدفتر الشروط، والتعامل معها وفق ما يقتضيه القانون بعيدا عن أية محاباة لأي طرف كان، وهو اللقاء الذي اعتبر صكا على بياض للوزير الأول. وأوضحت المصادر ذاتها أن تلك القرارات تندرج في سياق مسعى "إعادة القطار إلى السكة"، وخاصة في الجانب المتعلق بمحاربة ما بات يعرف ب "تغول الفساد" واستكمال تطبيق برنامج رئيس الجمهورية، وشددت هذه المصادر على أن أي معارضة لقرارات الوزير الأول، تعتبر معارضة مباشرة للرئيس بوتفليقة. وكان البيان الذي توج اجتماع رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، علي حداد، بالأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، وعدد من منظمات وجمعيات "الباترونا" (قبل أن تتبرأ بعض هذه المنظمات من مضمون البيان)، قد شكك في أن تكون القرارات التي اتخذها الوزير الأول، قد حظيت بدعم وثقة رئيس الجمهورية، ما يعني أن بيان حداد وسيدي السعيد، كان هدفه إحداث حالة من الإرباك والشك في المشهد السياسي، بغرض التأثير على قرارات الوزير الأول، التي تستند، يضيف المصدر، إلى قواعد قانونية لا غبار عليها، وعلى الدعم غير المشروط من قبل مؤسسات الدولة، وهو ما يجعل هذه "المعركة المشروعة متواصلة إلى النهاية". وتستند المصادر في التأكيد على صدقية هذه المعطيات وكذا الثقة التي يحظى بها الوزير الأول لدى رئيس الجمهورية، على الرسائل التي بعث بها القاضي الأول من خلال التغيير الحكومي الأخير، والمتمثلة، برأي مراقبين، في إبعاد المجموعة التي كانت تدور حولها شبهات سوء التسيير من الجهاز التنفيذي، وكذا تلك التي سعت لاستغلال نفوذها الذي تعاظم بشكل مخيف في عهد الحكومة السابقة، من أجل الحصول على "صفقات غير طبيعية"، وكذا الاستفادة من امتيازات وتسهيلات خارج القانون، الأمر الذي اضر كثيرا بالاقتصاد الوطني، وسبب خسائر مالية فادحة للخزينة العمومية، العاجزة بسبب التراجع الكبير لأسعار النفط. ويقول متابعون، إن هذه التلميحات تخص وزير الصناعة والمناجم السابق، عبد السلام بوشوارب الذي خلف وراءه ثغرة مالية ناهزت السبعة آلاف مليار، وهي المعلومة التي فجرها تبون في أعقاب عرضه لمخطط عمل حكومته، فضلا عن مالك مجمع "أو تي آر آش بي"، علي حداد الذي حصد جل الصفقات العمومية الكبرى خلال السنوات القليلة الأخيرة، لكن من دون توفره على الإمكانيات والضمانات التي تمكنه من الوفاء بالتزاماته تجاه الدولة، في الوقت الذي رصدت الجهات المخولة تسرب مبالغ مالية ضخمة من العملة الصعبة نحو الخارج، وهي المعطيات التي تم توثيقها تحسبا لفتح تحقيق بشأنها. وفي السياق، تؤكد المصادر أن الحكومة عازمة على الضرب بيد من حديد ضد كل من يثبت بحقه التلاعب المال العام أو التقاعس عن الوفاء بالالتزامات المدونة في دفاتر شروط الصفقات المبرمة، وقد يصل الأمر إلى استرجاع آلاف الملايير التي منحت على ذمة بعض المشاريع التي لم تنجز أو تلك التي تأخرت عن آجال الإنجاز، وفق ما يقتضيه القانون.