بعد التصريحات المتتالية التي طالت وزير الصناعة والمناجم السابق، عبد السلام بوشوارب، والتي انتقدت قراراته وخياراته الاستثمارية، جاء الدور هذه المرة على علي حداد، رئيس منتدى رؤساء المؤسسات ومسؤول أكبر مجمع للأشغال العمومية في البلاد، الذي يعتبر أقرب المقربين من مصادر صناعة القرار. علي حداد يوجد اليوم في عين الإعصار، فقد تلقى مطلع هذا الأسبوع سلسلة من الإعذارات بسبب تقاعس مجمعه "ETRHB" في الوفاء بالتزاماته تجاه الدولة في العديد من المشاريع الكبرى التي حصل عليها خلال السنوات الأخيرة، فهي تشهد تأخرا كبيرا في الإنجاز تعدى الأشهر إلى السنوات، حسب الإعذارات المشهرة. ومثلما حرصت الحكومة في قضية بوشوارب على إخراجها للعلن، من خلال التصريحات المثيرة التي صدرت عن الوزير الأول عبد المجيد تبون شخصيا، الذي تحدث من البرلمان، عن ضياع 7000 مليار سنتيم تبخرت في مشاريع استثمارية وهمية، ثم وزير الصناعة الجديد، محجوب بدة، الذي اعتبر ما قام به سلفه في القطاع، تنظيما لعمليات استيراد "مقنعة" في قطاع السيارات، وذلك من خلال دفتر الشروط الذي أعد في عهد سلفه، وتوعد بمحاربتها. وبينما لا تزال قضية بوشوارب تصنع الجدل سياسيا وإعلاميا، عمدت الحكومة إلى تفجير قضية أخرى كان يمكن احتواؤها أو لملمتها خلف الجدران لو توفرت الإرادة لذلك، لكنها تعمدت إظهارها للعلن من خلال الإعذارات التي وجهتها لمجمع "ETRHB"، عبر ثلاث صحف وطنية، ما يؤشر على أن مسؤول المجمع، يكون قد فقد الحظوة التي كان يتمتع بها قبل مجيء تبون إلى الوزارة الأولى. ويعتبر وزير الصناعة السابق من الأسماء التي صنعت الحدث في النصف الأول من العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، فقد تردد اسمه كخليفة لسلال على رأس الوزارة الأولى في أكثر من مناسبة، أما علي حداد فقد شغل بال السياسيين والإعلاميين بسبب حضوره القوي والملفت في العديد من القرارات التي اتخذت منذ العام 2012، وقد أشيع أن الرجل كانت له "كوطته" الخاصة في الحقائب الوزارية التي وزعت في التعديلات الخمسة التي أجريت على حكومة سلال. وقد كشفت حادثة المنتدى الإفريقي للتنمية الذي نظمته الجزائر في ديسمبر 2016 الذي شهد انسحابا حكوميا وسط ذهول الحاضرين، مدى نفوذ رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، الذي كان طرفا في فضيحة أضرت كثيرا بسمعة البلاد، ومع ذلك خرج منها كالشعرة من العجين، حيث حافظ على رئاسته ل"المنتدى"، رغم الإشاعات التي راجت حينها بتنحيته من على رأس هذه الهيئة. وانطلاقا من الحظوة التي كان يتمتع بها كل من بوشوارب وحداد، والوضع الذي أصبحا عليه اليوم (الأول غادر الحكومة، والثاني مهدد بخسارة مشاريعه)، يتضح أن الكثير من المعطيات تغيرت باتجاه يدفع إلى الاعتقاد بأن البلاد خرجت من مرحلة وهي مقبلة على أخرى، ومن الطبيعي أن يكون ضحايا لهذا الانتقال، فهل تقرر أن يكون حداد ومجمعه وغيرهما من الوجوه المحسوبة على الوزير الأول السابق، عبد المالك سلال، هم ضحايا المرحلة التي بدأت ملامحها ترتسم؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.