عبد الرزاق مقري رئيس الوفد الجزائري ضمن أسطول الحرية الجزائريون عقدوا اجتماعا تحضيريا قبل المواجهة وارتدوا سترات النجاة الوفد الجزائري أبهر الأتراك بانضباطه وشجاعته شدّد عبد الرزاق مقري رئيس الوفد الجزائري ضمن أسطول الحرية أمس على الدور الكبير الذي قام به الجزائريون ضمن القافلة، بفضل بسالتهم وأخلاقهم العالية، والروح التضامنية التي أبدوها اتجاه الوفود الأخرى، مما جعلهم محل إعجاب واهتمام الجميع، بمن فيهم "بولاند" التركي الرجل المسؤول الأول على القافلة، الذي كان يسكت الجميع حينما يتكلم الجزائريون. وأعاد مقري في ندوة نشطها بقاعة المحاضرات بدار الصحافة بالقبة سرد تفاصيل الرحلة المثيرة التي جعلتهم يجابهون أجبن عدو شهده التاريخ، وحرصا على ذكر بعض المواقف التي أظهرت شجاعة الجزائريين، وصمود الأتراك الذين استعدوا منذ البداية للشهادة في سبيل القضية الفلسطينية. وذكر في البداية كيف استطاع الوفد الجزائري أن ينظم نفسه، بدليل أن فترة الإقامة بأنطاليا التركية، جعلت جميع الوفود الأخرى تلتف بالوفد الجزائري، الذي كان ينظم ندوات ومحاضرات تنظمها شخصيات معروفة في الساحة الدولية، وذلك على مستوى الفندق الذي كان يضم الوفود، وكانت تلك الأنشطة تستقطب كافة المشاركين في الأسطول. وعادت الذاكرة بالعضو القيادي في حمس ورئيس مؤسسة القدس الدولية إلى ليلة المواجهة مع العدو الإسرائيلي، وبالضبط في حدود الساعة الحادية عشر ليلا حينما اتفقت كافة الوفود على متن السفينة التي كانت تضم ممثلي 62 دولة على تقسيم الوفود على المركبة حسب الجنسيات، وقد تم تخصيص الطابق الثاني للوفد الجزائري، الذي تولى حراسة هذا الجزء من خلال تجزئة الوفد إلى تقسيم، تولى الحراسة بالتناوب، في حين أصر الأتراك على البقاء في أعلى السفينة، ورفضوا رفضا قاطعا أن تعرض الوفود الأخرى نفسها للخطر، رغم إصرار الباقين. واجتمع الوفد الجزائري ليلة الهجوم عند الخامسة مساء وتم الاتفاق على خطة عمل، وأمر الجميع بارتداء سترة النجاة، وفي حدود الساعة الحادية عشر ليلا تحدث ربان السفينة من جنسية تركية مع جنود إسرائيليون في عرض البحر وأخبرهم بأن المركبة كانت تسير في المياه الدولية، لكن فجأة تضاعف عدد الزوارق الإسرائيلية التي كانت تحوم حول السفينة ثم تعود أدراجها بسرعة فائقة، إلى أن غطت الترسانة الحربية الإسرائيلية عرض البحر، وملأت أضواؤها المكان، وكسرت المروحيات سكون البحر، فأيقن الجميع بأن الأمور بلغت مرحة الجد، وبأن الأمر يتعلق بمواجهة عدو شرس لا يردعه رادع. انطلاق الرصاصات الأولى كانت في الركعة الأولى من صلاة الفجر يضيف السيد مقري بأن جميع الوفود اتفقت على ضرورة تبني الصمت والهدوء وعدم إثار العدو بالتكبير والشتم والسب، غير أنه في الركعة الثانية لصلاة الفجر شرع العدو في إطلاق الرصاص في جميع الاتجاهات، وكانت في الأول رصاصات مطاطية ثم أصبحت حقيقية، مما أدى إلى إصابة ممثل حركة النهضة محمد ذويبي في عينه، ووفاة مراسل إحدى القنوات التلفزيونية على الفور، بعد أن اخترقت رصاصة رأسه. وعند بداية الهجوم سارع كافة ركاب السفينة بدافع الغريزة إلى الدفاع عن النفس، من ضمنهم الوفد الجزائري الذي رجمهم بالمياه وبالمكانس والقارورات، وكانوا يثيرون أصواتا مرعبة أرهبت العدو وجعلته يعود أدراجه. بعدها بدأ الإنزال، وقد كان موقع الجزائريين آخر مكان سيطر عليه جنود العدو، الذين قاموا بتكبيل الجميع، وتم تقسيمهم في السجن إلى مجموعات، وما يثير الاشمئزاز في تقدير مقري، الجبن الذي أبداه الإسرائيليون الذين كانوا لا يتحملون نظرات الجزائريين إليهم، إلى درجة أنهم كانوا يحوّلون أنظارهم، أو يقومون بضرب الجزائريين الذين أصروا على استفزازهم. وقد كانت الأربع الساعات الأولى من التحقيق جد صعبة، وكان الجزائريون يضنون بأنهم يواجهون مصيرا مجهولا، لكن في الفترة المسائية يضيف مقري:"أخرجونا من الزنزانات ثم بدأ القناصل يتوافدون على السجن، وأخبرونا بأن الكيان الإسرائيلي في ورطة كبيرة، وجاء محامون عرب وأخبرونا بأن ما قامت به القافلة لن يساهم في كسر الحصار فحسب، بل سيحرر كافة فلسطين". في حين أكد القنصل النرويجي بأن تحولا كبيرا ستشهده الساحة الدولية بعد الاعتداء على الأسطول. وقد تعمد الإسرائيليون ترك المحتجزين دون ماء ولا غذاء لفترة فاقت 30 ساعة، حرموهم من قضاء حاجتهم، ومن الاستحمام وتغيير ثيابهم التي صودرت منهم، مما جعل مظهرهم مثيرا للشفقة. الجزائريون رفضوا الرضوخ ودوّخوا العدو ويؤكد أحد شهود العيان على واقعة الاعتداء على أسطول الحرية، بأن اثنين من الوفد الجزائري أشبعوا أحد جنود العدو ضربا، في حين قام الأتراك باحتجاز جنديين إسرائيليين وأشبعوهما ضربا، وقد تمسكوا بهدوء الأعصاب طيلة فترة التحقيق، ورفضوا التوقيع على أية وثيقة، وتميزوا بالتنظيم والانضباط، وكانوا قدوة لكافة الوفود الأخرى، التي حرصت على الاحتكاك بالجزائريين، الذين أحدثوا المفاجأة بصبرهم ومثابرتهم وبسالتهم. في حين أكد جميع الدبلوماسيين الذين توافدوا على الأراضي المحتلة للاتصال بالمختطفين، على استحالة استمرار هذا الكيان الغاشم أزيد من 10 سنوات أخرى، كما بينت الحادثة بأن تركيا كانت مصرة على هذه الخطوة وأرسلت أناسا كانوا مستعدين منذ البداية للتضحية، وأن عدوها الأساسي هو إسرائيل. الأتراك لديهم وثائق وأدلة ستوقع بالكيان الإسرائيلي ضمت سفينة مرمرة التي كانت تقل الوفود الأجنبية أزيد من 60 كاميرا، كانت موضوعة في كافة الجوانب، وكان الغرض منها توثيق كل ما تتعرض له الوفود من أي خطر محتمل بالصورة والصوت، مما يؤكد في تقدير منشط الندوة بأن الأتراك كانوا محضرين ومستعدين لكافة التطورات والاحتمالات، بما في ذلك خطر الموت قائلا:" لقد درسوا وخططوا لكل شيء واستعدوا للتضحية". ويؤمن عبد الرزاق مقري بأن التحقيقات لن تكون أبدا في صالح الكيان الإسرائيلي ولو تواطأت معها دول أخرى. موضحا بأن تركيا حريصة على استعادة كافة الإعانات التي تمت مصادرتها، وأيضا أمتعة الوفود ووثائقهم، ومن المزمع أن يتنقل الوفد الجزائري مجددا إلى تركيا قريبا لحضور جنازة الشهداء، بدعوة من السلطات التركية وعلى حسابها. تحدث مقري مطولا على شجاعة فريق الشروق الذي رافق الرحلة من الجزائر وإلى غاية إطلاق سراحهم من قبل العدو الصهيوني، مشيدا بالأخلاق العالية والمهنية والشجاعة التي أبداها صحفي الشروق ومصورها قبيل وأثناء وبعد الهجوم الهمجي على السفينة. كما أثنى رئيس الوفد الجزائري على احتضان الجريدة للمبادرة منذ انطلاقها وتسخيرها الوسائل اللازمة لتغطيتها، حيث كانت كاميرا الشروق الوحيدة التي نقلت الصورة والصوت إلى قنوات فضائية مثل قناة المستقبل. وأكد مقري أن التغطية المتواصلة للحدث من قبل الجريدة ساهمت بشكل واضح في تمرير المعلومات بخصوص ما جرى. الموساد لاستنطاق قياديين في الوفد الجزائري خص جيش العدو قياديين في الوفد الجزائري بتحقيق مغاير لما أخضع له باقي أعضاء الوفد، وهو ما يؤكده عبد الرزاق مقري، الذي كان أحد الأعضاء الذين تم استنطاقهم من قبل الموساد، إلى جانب زوجة رئيس الحركة أبوجرة سلطاني، التي أخبرتهم أنها تحمل جواز سفر دبلوماسيا، وقد كانت لدى العدو معلومات مسبقة عن بعض المشاركين في القافلة، وهم الأشخاص أنفسهم الذين دقق معهم في التحقيقات، وحاول جمع أكبر معلومات عن طريقهم. أسطول الحرية في كتاب سيصدر قريبا اتفق أعضاء الوفد الجزائري على أن يوثق كل عضو فيه تجربته الخاصة وشهادته بكامل تفاصيلها في ظرف لا يتعدى 10 أيام، على أن يتم جمعها وتنقيحها وإصدارها في كتاب، يحمل توقيعات جميع أعضاء الوفد، ويؤرخ لتجربة يصر الكثيرون على تسميتها بالغزوة التي ستحرر كامل فلسطين. لقطات من المواجهة مع الصهاينة توقفت جميع أخبار الأسطول في وقت من الأوقات بعد الهجوم الإسرائيلي على السفن ومصادرة جميع وسائل الصحفيين، لكن الفضائية التركية ظلت الوحيدة التي تبث الأخبار لأنها جندت نحو 60 كاميرا في كل أنحاء السفينة المعنية. وتحتفظ الفضائية بالأشرطة حول حقيقة ما يجري، وستكون تلك الحقائق الأدلة الدامغة ضد جرائم إسرائيل وهمجيتها في التحقيق الدولي الذي سيفتح قريبا.. إلا في حال دعم أمريكي لإسرائيل، على حد قول عبد الرزاق مقري. غطى العدد الكبير من الأعلام الوطنية الجزائرية التي زيّنت السفينة التركية "مرمرة" التي حملت وفد كسر الحصار على غزة، كل الكاميرات التي نشرها التلفزيون التركي لتغطية الحدث، ولم ينتبه الجزائريون إلى ذلك حتى رافق ضابط أمن السفينة التركي رئيس الوفد الجزائري عبد الرزاق مقري إلى غرفة العمليات ليرى ذلك بنفسه، عندها أبعدت الأعلام من أمام عدسات الكاميرات. اتضح منذ الساعات الأولى لضبط برنامج أسطول الحرية انطلاقا من بلاد الأناضول أن القضية تتعدى كل الوفود المشاركة فيه، والقضية الأساسية كانت بين تركيا والكيان الإسرائيلي. السلطات العسكرية الإسرائيلية حققت مع جميع أعضاء الوفد الذين اختطفتهم من المياه الدولية، لكن اتضح أن بعضهم كان يهمها بصورة خاصة والدليل إلصاق شارة حمراء على أوراق ملفه في التحقيق. معلومات إسرائيل كانت دقيقة حول الناشطين وتحركاتهم قبل الرحلة وخلال الرحلة كان هاتف "ثريا" الذي أخذه الوفد معه على متن قافلة الحرية، وسيلة الاتصال الوحيدة والأنجع التي استفادت منها كل القنوات الفضائية، إلى درجة وجد أعضاء الوفد صعوبة في استرجاعه من كل من كان يستعيره لتزويد جهته الإعلامية بالأخبار، حتى أن أحد المتضامنين استعمله للاتصال بالرئيس هوغو شافيز لإبلاغه بالأخبار، ومعظم أخبار قناة "الجزيرة" مرت عن طريقه. الوفد الجزائري اتصل مرات عديدة وفي مختلف مراحل الاجتياح بالتلفزيون الجزائري ليزودوه بالمعلومات الحالية على الساخن، لكن لا حياة لمن تنادي.. اتضح خلال الرحلة أن المعركة مع إسرائيل هي أولا وأخيرا معركة إعلامية لصناعة رأي عام دولي مبني على حقيقة الحصار الذي يعيشه أهالي غزة. اقترح الأتراك، قبل مغادرة الأسطول، على أعضاء الوفد الجزائري أن يظل عضو أو اثنان في تركيا لمتابعة الأخبار والتنسيق مع السلطات الجزائرية في حال حدوث أي طارئ، وهو الشيء الذي تعب رئيس الوفد عبد الرزاق مقري في إقناع كل فئات الوفد به دون جدوى، حيث رفض جميعهم وعددهم 32 البقاء في تركيا مفضلين الشهادة على التخلف على نصرة غزة. جاسوسة إسرائيلية أدت دور صحفية في الأسطول أثار تحول مشاركة في العدو كانت تحمل صفة صحفية، إلى جبهة الكيان الإسرائيلي فور تنفيذ الهجوم على الأسطول حيرةَ واستغراب جميع الوفد، الذين تأكدوا فيما بعد بأن الأمر يتعلق بجاسوسة تعمل لحساب العدو الإسرائيلي، وهي نفس الشخص الذي كان على ما يبدو يزود العدو بتفاصيل الرحلة، التي أدخلت القضية الفلسطينية إلى مرحلة جديدة مغايرة تماما.