أثار ما يتضمنه مشروع قانون المالية لسنة 2018 من زيادات في أسعار الوقود تصل إلى 5 دنانير، جدلا كبيرا في أوساط الجزائريين أمس، وسارع الناقلون للتعبير عن امتعاضهم من هذه الزيادات، قبل الإعلان عنها بشكل رسمي، مطالبين باستثنائهم، ومهددين بالمقابل بزيادات في أسعار النقل، ترهق القدرة الشرائية للجزائريين بداية من الفاتح جانفي. في حين أكد الخبراء أن زيادة أسعار الوقود، ستساهم في رفع نسبة التضخم خلال سنة 2018، من خلال زيادة أسعار العديد من المواد الأولية، مطالبين بأن تشمل فقط كبار المستهلكين، وأصحاب سيارات "بومليار". ويؤكد ممثل سائقي سيارات الأجرة، حسين آيت براهم في تصريح ل"الشروق" أن أسعار الطاكسي وكافة وسائل النقل سترتفع بشكل إلزامي، إذا تم تمرير زيادات الوقود عبر قانون المالية لسنة 2018، وهو ما يفرض اليوم مراجعة استعجالية لفحوى مشروع القانون قبل طرحه رسميا، أو استثناء الناقلين من هذه الزيادات وتخصيص رواق حصري لهم عبر محطات البنزين، مشيرا إلى أن تكلفة كيلومتر واحد للناقل، ستعادل بداية من 2018، 20 دينارا، بحجم استهلاك نصف لتر من الوقود، بالتسعيرة الجديدة، وهي نفس التسعيرة التي تعتمدها عدادات الطاكسي، فضلا عن تكلفة قطع غيار السيارة والميكانيكي والرسوم وهو ما سيجعل، صاحب سيارة الأجرة أو الناقل بصفة عامة يشتغل ليخسر وليس ليربح. وشدد المتحدث: "لا نريد تهديد القدرة الشرائية للجزائريين، ولكن نرفض أن نشتغل ونعرق طيلة اليوم لنخسر، ولذلك نطالب بحلول وسطى، عبر استثناء الناقلين على الأقل من هذه الزيادات"، مشيرا إلى أنه حتى إذا لم توافق وزارة النقل على زيادات أسعار النقل، فسيلجأ إليها الناقلون بطرق غير شرعية، وهو ما وصفه بالقرار غير المعقول وغير المنطقي، والذي سيتسبب في فوضى عارمة في السوق، ويعيد سيناريو الزيادات العشوائية التي عاشها الجزائريون بحلول الفاتح جانفي 2016. وقال آيت براهم: "وزارة النقل مطالبة بإجراء دراسة لتحديد تكاليف سيارة الأجرة والنقل عبر الكيلومتر الواحد ومدى استهلاكه من الوقود للوصول لتسعيرة عادلة، وحل لا يظلم أي طرف بما في ذلك المواطن البسيط الذي بات غير قادر على أي أعباء جديدة". من جهته، انتقد الخبير الاقتصادي كمال سي محمد، قرار الزيادة في تسعيرة البنزين والمازوت، والذي قال إنه سيتسبب بالدرجة الأولى في رفع أسعار المادة الأولية الموجهة للإنتاج الفلاحي والصناعي وبالتالي زيادة أسعار المنتوج في صيغته النهائية في السوق، الأمر الذي سيرفع نسبة التضخم بداية من الفاتح جانفي المقبل، فضلا عن زيادة أسعار النقل، ما سيرهق القدرة الشرائية للجزائريين التي ما فتئت تتآكل خلال السنوات الأخيرة. وأكد الخبير في تصريح ل"الشروق" على ضرورة اعتماد الحكومة سياسة الانتقائية في رفع الدعم عن الوقود وأن تشمل القرارات الأغنياء فقط والذين يستفيدون من أربعة أخماس ميزانية دعم الوقود في حين أن المواطن البسيط يبقى الحلقة الأضعف في الاستهلاك المكثف للمازوت والبنزين، وهو ما يدعو إلى ضرورة حمايته من هذه الزيادات، التي بات غير قادر على تحملها، وتساءل كمال سي محمد: "كيف يتم اعتماد نفس التسعيرة بين المواطن البسيط وأصحاب سيارات تتجاوز قيمتها المليار سنتيم، القادرين على تسديد البنزين بسعره الحقيقي والذي يقارب في السوق الدولية 200 دينار جزائري"، محذرا من غياب العدالة الاجتماعية في مبدأ الدعم في الجزائر.