الأمطار التي انتظرها الجزائريون، وصلّوا أمس صلاة الاستسقاء من أجلها، أغلقت يوم الخميس، ككلّ عام، الطرقات و"مرمدت" عامة الناس، وأصبح الجميع من أهل الخير يردّد بلا تردّد: "اللهمّ حوالينا ولا علينا"، والسبب معروف، وليس سرّا أو اختراعا، فهو مرتبك أساسا بتهاون البلديات والمصالح المعنية بتسريح البالوعات وتطهير الطرقات والشوارع! ها هي "صلاحة النوادر"، حتى وإن كانت متأخرة، وبأثر رجعي، إلاّ أنها "بهدلت" مرّة أخرى أميارا ومنتخبين ورؤساء دوائر وولاة، فلقد أغلقت أيضا الطرق السريعة، وأكل الماء الماء، بعد ما لم يجد أين يسير، نظرا لهذا "البريكولاج" وسوء التسيير واللامبالاة والتسيّب والإهمال الذي يقتلنا مرارا وتكرارا "ناقصين عمر"! لو تعلق الأمر بفيضان أو طوفان، لردّ الناس أمرهم إلى الله، وأدرجوا المصيبة والعياذ بالله، في خانة المكتوب والقضاء والقدر، لكن أن تسدّ زخات من الأمطار المتفرّقة، طرقات بأكملها، وتُرعب قاطني البيوت الهشة وضفاف الوديان، وحتى نزلاء الفيلات والإقامات الفاخرة، فهنا الأمر مربوط مباشرة بمسؤولية مصالح محلية تُلدغ من نفس الجحر عدّة مرات! عدم الاستفادة من الدروس والعبر والمآسي، هو الذي يصنع التراجيديا في كلّ مرّة، حيث لم تسلم الجرّة، نتيجة تهاون المكلفين بتفادي الكارثة قبل وقوعها، ولكم أن تتصوّروا كيف "يخرط" أميار ومنتخبون، على المواطنين كلما ترشحوا، وعادت "الهملة" الانتخابية، لكنهم في الواقع "ما يحكوا ما يصكوا" عندما يتعلق الأمر بصلب مهامهم ووظائفهم! هل المنتخب العاجز عن "تسليك" البالوعات وتنظيف الشوارع، قبل حلول فصل الشتاء، بإمكانه حلّ كبرى المشاكل والاستجابة لانشغالات مواطنيه، وهو لم يفلح حتى في تسوية مشكل "قرمودة" يواجهه مواطن "زوالي" أكله الماء شتاء دون أن تتدخل البلدية لإسعافه أو مساعدته وهو في حالة خطر؟ قال لي أحد المواطنين ممّن لهم باع طويل في التعامل مع المنتخبين: "ياو هاذوا ما ينشوا ما يهشوا.. بصّح يعرفوا يقرمشوا".. هكذا هي صورة أغلب "ممثلي الشعب" عند البسطاء، والمسؤولية يتحملها طبعا هؤلاء المنتخبون الذين سوّدوا مهمة التمثيل بتحويلها إلى عويل و"تمهبيل" وتصفيات لا تختلف كثيرا عن ما حدث بين هابيل وقابيل! مصيبة المصائب، أن الكثير من المنتخبين المحليين، "يحشموا" يخدموا المواطن، ولذلك يبحثون عن ما خفّ وزنه وغلى ثمنه، وعند وقوع الكارثة، يظهرون في والوقت بدل الضائع، أو يختفون حتى لا "يرجمهم" الغاضبون!