كشفت الأمطار الأخيرة المستور في معظم بلديات الوطن، وفضحت سياسة "البريكولاج" والترقيع التي كان يتغنى بها المنتخبون المحليون عبر وسائل الإعلام. فمعظم الشوارع تحولت إلى بحيرات وليس بركا، يا حبّذا لو تفطنت وزارة الصيد البحري وحولتها إلى وديان وأحواض لتربية الأسماك، على الأقل يمكن لهذه الشوارع أن تصلح لشيء ينفع المواطن وهو المساهمة في توفير الثروة السمكية. كما أنه أصبح لزاما على البلديات أن تدفع حقوق الاشتراك في نشريات مصالح الأرصاد الجوية، على الأقل لتحضير نفسها لأي طارئ، من خلال الإسراع في تطهير البالوعات وسد الحفر، لأنه يبدو أن السلطات المحلية لم تعد تشعر بقدوم فصل الشتاء، بل تحسب كل فصول السنة صيفا، وهو ما يؤكده تهاونها في تطهير البالوعات المسدودة بالأتربة وأشياء أخرى. قبل أيام صلى الجزائريون صلاة الاستسقاء راجين المولى غيثا مباركا نافعا، لكن هؤلاء المسؤولين المحليين وعلى رأسهم المنتخبون أرادوا أن يحولوا هذه النعمة الربانية إلى نقمة بشرية، بحيث أصبح من الصعب على المركبات عبور بعض الشوارع الممتلئة بمياه الأمطار، فما بالك بالراجلين، ناهيك عن تسرب هذه المياه إلى المنازل. فالكل يتمنى المطر، لأن لا حياة بلا ما ينزل من السماء، لكن الكل أصبح بنتابه الخوف مع نزول القطرات الأولى لأن التهاون البشري يريد لها أن تكون كارثية ومزعجة للبشر، وكم نبّهت وحذّرت وسائل الإعلام من ذلك، لكن كما يقال: "لمن تقرأ زابورك يا داود؟" فالطرف الآخر المعني بعملية التهيئة والتحضير لفصل الشتاء "صم بكم عميّ" لا يحركون ساكنا لتجنب وقوع ما يزعج المواطن، لأنهم عاجزون ويفتقدون لاستراتيجية تسيير البلديات، وهمهم الوحيد المطالبة باسترجاع صلاحيات توزيع الأراضي والسكنات التي كانت في سنوات مضت مصدر ثراء غير مشروع داخل الوطن وخارجه.