منذ اطلاق بتك التوفير والاحتياط "كناب بنك" عملية شراء مساكن للزبائن الراغبين، ويعاد بيعها لهم، عن طريق دفع مستحقات الكراء، حتى دفع مبلغ الشراء كاملا على المدى الطويل، وذلك بالصيغة الإسلامية "المرابحة"، والمواطنون يتهافتون يوميا على الوكالات البنكية عبر الوطن، والكل مستبشر بالظفر بسكن العمر... ولكن هل هذه الصيغة فعلا هي فرصة العمر للجزائريين، وهل تُناسب شروطها جميع الفئات؟ شغَل أمر اطلاق صيغة بنكية جديدة للظفر بسكن، والمٌتمثِّلة أساسا في ايجار مسكن ينتهي بالتمليك، اهتمام المواطنين مؤخرا، فالكل يتساءل عن إجراءات وشروط العملية... وللإطّلاع على الموضوع عن قرب، قصدنا احدى الوكالات البنكية ل"كناب بنك" المتواجدة ببلوزداد بالعاصمة، وهناك صادفنا العديد من المواطنين ومن كل الفئات، جميعهم حضر للسؤال عن شروط الحصول على مسكن بصيغة المرابحة. دخلت القاعة، فوجدت قرابة 9 مواطنين جالسين ينتظرون، رجال ونساء، سألتهم "أين يمكنني الاستفسار عن عملية شراء مسكن بصيغة المرابحة"؟ فابتسم الجميع، فيما أجابني شيخ "مرحبا بك معنا، جميعنا ننتظر.."، تواجد هناك رجل وزوجته، الأخير أكّد بمرارة أن مرتبه يذهب جميعه في ايجار المساكن منذ عام 2004، ولم يسعفه الحظ للظفر بأي صيغة سكنية، متحسرا لأنه لم يشتر "براكة" ببلدية عين النعجة عندما عرضت عليه منذ سنوات بمبلغ 80 مليون سنتيم، وها هو صاحبها يستفيدُ من سكن اجتماعي... وشيخ آخر رغم خروجه للتقاعد، جاء للاستفسار عن هذه الصيغة، وشاب "شاب شعره وهو صغير" حسب تعبيره، بحثا عن السكن... وتشاء الصدف أنّ غالبية الحاضرين بالقاعة موظفون بمٌرتب 5 ملايين سنتيم.
موظفون.. متقاعدون وشباب في قاعة الانتظار طال جلوسنا بالمكتب، رغم تطمينات أحد الموظفين، أن زميله منشغل في مكتب آخر وسيجيبنا عن استفساراتنا بمجرد انتهائه، ولأن البعض ملّ من الانتظار غادر المكان، فيما بقينا نحن ننتظر، وتحت ضغط منا وإلحاح، دخل علينا موظف آخر بالبنك، وسألنا عن سبب مجيئنا، ولأن غايتنا جميعا كانت واحدة.."ما هي شروط الحصول على سكن بقرض بنكي؟". فجمعنا الموظف وكأنه معلم يلقي علينا درسا، فمن أهم شروط الحصول على مسكن بالصيغة الجديدة، أن يكون المسكن مكتملا وله وثائق ملكية نهائية، وليس "كرْكاس" أو قطعة أرض، والمسكن يجده المواطن، ثم يعرضه على البنك، والأخير يُرسل خبيرا عقاريا لمعاينته والتأكد من سعره، قبل شرائه من البائع، ويستطيع المواطن الدخول في مسكنه الجديد الذي اشتراه له البنك في اليوم نفسه، ويتحول الى مستأجر، يدفع أقساطا شهرية من مبلغ الدين على المدى الطويل وحسب سن المشتري ومرتبه، الى أن يٌنهي ثمن المسكن كاملا، ثم تنقل اليه الملكية.
250 مليون لمن يتقاضى 05 ملايين والسؤال الذي طرحناه جميعا، كم المبلغ الذي يساهم به البنك؟ فرد الموظف "حسب المرتب الشهري أو مدخول المشتري، فمثلا صاحب 5 ملايين سنتيم شهريا، لن يحصل على قرض بنكي بمبلغ معتبر، فقد يحصل على 250 مليون سنتيم أو أكثر بقليل، وفي حال أراد مثلا شراء مسكن يقدر ثمنه ب900 مليون سنتيم، فعليه هو دفع الفارق للبائع، ولهذا يفضل أن يكون المرتب الشهري مرتفعا، أو أن يتشارك الزوجان العاملان بمرتبهما، لأن البنك يقتطع شهريا بين 25 و30 بالمائة من المرتب كأقساط للدين". ومن الأسئلة التي طرحها الحاضرون، هل يمكن شراء مسكن في صيغة مسكن الترقوي العمومي lpp، وسكنات المرقين العقاريين بهذه الصيغة، فرد الموظف: أجل، شرط وجود ما يثبت الاستفادة من السكن. وسؤال آخر، متعلق بنسبة الفائدة التي يتلقاها البنك من هذه العملية، فاعتبر الموظف، أن هذه الصيغة لا تعتمد نسبة فائدة معينة، كونها تدخل ضمن القروض الإسلامية. الصيغة تثير اهتمام المغتربين والسكنات الفاخرة الأكثر طلبا وحسب مصدر من "الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط" في تصريح ل"الشروق"، فإنه ومنذ الإعلان عن الخدمة الجديدة "ايجارة تمليكية" مستهل الشهر الجاري، تستقبل الوكالات عبر التراب الوطني والتي يصل عددها 217 وكالة يوميا أعدادا كبيرة من طرف المواطنين للاستفسار عن الشروط التي تمكنهم من الحصول على مسكن، في حين تستقبل هواتف العاملين بالوكالات يوميا مكالمات بالعشرات من المعارف والأقارب للغرض نفسه، حتى أن المغتربين في الخارج يلحون على عائلاتهم وذويهم الاقتراب من مكاتب الاستقبال بالوكالات للاستفسار عن الأمر، خاصة وان الصندوق لم يستثن المغتربين في الخارج، بل أدرج هذه الشريحة التي بإمكانها الحصول على مسكن خاص بها بأرض الوطن، في حين تؤكد العديد من التصريحات أن استفسار المواطنين ينصب حول كيفية شراء الفيلات التي يبدو أنها ستأخذ حصة الأسد من الطلبات، حيث أصبحت تسيل لعاب المواطنين والزبائن، خاصة وان المشتري بإمكانه اختيار أي بيت كان سواء قديما أو جديدا. وبخصوص إمكانية تمويل السكنات الفخمة والباهظة الثمن بمختلف الوكالات عبر الوطن، ذكر المصدر نفسه انه وحتى إن لم تستطع وكالة نزل بها الزبون بمنطقة سكناه أو القريبة منه، تمويل المبلغ الضخم الذي حدد سقفه الصندوق ب100 مليون دينار، تقوم في هذه الحالة باستقبال ملفه، ثم تحويله إلى الوكالة الجهوية دون تنقل المعني. وكان الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط كناب – بنك قد حدد شروط الاستفادة من هذه الخدمة الجديدة التي يقتني من خلالها البنك المسكن الذي يختاره الزبون ويمنحه إياه في صيغة إيجار مقابل دفع مبلغ الإيجار على أن يرافق هذا الإيجار بوعد نقل الملكية لفائدة المستأجر بعد انتهاء مدة التمويل المحددة بالدفع الكامل لمبالغ الإيجار، وبخصوص سن الاستفادة ذكر المصدر انه يجب أن يتراوح ما بين 21 و70 سنة عند تاريخ طلب التمويل، في حين حدد راتب طالب السكن ب30 ألف دينار للإجراء والمتقاعدين و50 ألف دينار فما فوق بالنسبة للتجار وأصحاب المهن الحرة.