يبدو أن المرأة اليمنية أكثر حكمة وتعقّل من خلال تصريح لتوكّل كرمان اليمنية الحائزة على جائزة نوبل، بل أول امرأة عربية تحصل على هذه الجائزة. صرحت تصريحا كله تعقل وإخلاص لليمن تعليقا على مقتل الرئيس علي عبد الله صالح. نحن كعرب نعيش أعمق الأحزان على ما وصل له اليمن الشقيق من وضع كارثي نتيجة للحرب العدوانية التي أُقحم فيها. اليمن أصل العرب، الذي كان يسمى اليمن السعيد نتيجة لكونه كان أعلى تطوّرا في الجزيرة العربية بتطوير الزراعة من خلال حجز المياه في سد مأرب. اليمنيون هم عرب عاربة أي أصل العرب وغيرهم في الشمال مستعربة، أي هم الأصل وعرب الحجاز فرع. الأمازيغ بشمال إفريقيا جاءوا من اليمن في هجرة حِمْيَرية وعمّروا المغرب بعد أن ذاب الجليد ودخلت الكرة الأرضية في المرحلة الدافئة الثالثة warm3 ؛ التاريخ يؤكد أن هذه المرحلة بدأت في الألفية الثامن عشرة قبل الميلاد، فعم الجفاف الجزيرة العربية التي كانت رطبة بنهريها، فهاجر منها الإنسان وعمّر وادي الرافدين والشام ووادي النيل وشمال إفريقيا بل وجنوب أوروبا. فالمؤرخ الفرنسي بيير روسي في كتابه (إيزيس التاريخ الصحيح للعرب) المطبوع في باريس سنة 1976، ففي ترجمته العربية يقول إن المسرح اليوناني المشهور مستمد من اليمن، يورد في صفحة 93 ما يلي: "المسرح اليوناني كان في بدايته، وعلى صورته التي بقي عليها رغم التغييرات الخارجية، أعني نشيدا دينيا، ومأساة موسيقية دينية، أي صلوات لديونيسوس، وكل يعرف أن كلمة مأساة (تراجيدي) الذي يسمى بها هذا المسرح تتألف من تراغوس Tragos أي الجدي، وأودْ أي النشيد، ويمكن أن تترجم ب (نشيد الجدي) أو نشيد للجدي. وهي إشارة إلى الإله الذي عاش مستخفيا في البلاد العربية السعيدة اليمن في صورة جدي.." هذا ما قاله هذا المؤرخ الفرنسي. اليمن العزيز السعيد يعيش مأساة على يد إخوانه في الشمال الذي جعل النفط منهم قوة المفروض أن تعمّم الخير في اليمن الفقير الحالي لا الحرب.. وأنا أحيي اليمنية متوكّل كرمان على تعليقها الرائع الذي أقدمه للقراء العرب. أولا: تعلق على اغتيال علي عبد صالح بعيدا عن التشفي من خلال تغريدات لها على صفحتها في تويتر فتقول: "نهاية مؤسفة للمخلوع علي صالح، ما كنا في الثورة السلمية نتمناها له على هذا النحو، لكن أحاطت به خطيئته وذاق وبال أمره، لقد عادينا علي صالح كسياسات كارثية وبرامج مدمرة، ولم يكن عداؤنا له شخصيا، وهو الآن بين يدي ربه، وفق نهاية مؤسفة ما كنا نتمناها له!!". ثانيا: وعن مهمة حزب علي صالح قالت: "أدعو المؤتمر الشعبي العام إلى أن يتصرف كحزب سياسي ذا برامج سياسية وطنية، وليس حزبا مملوكا لعلي صالح تتوارثه عائلته فيما تتوارث من مقتنيات، ويتوارث هو سياسات وبرامج صالح فيما يتوارث من أشياء". ثالثا: رؤية هذه اليمنية المناضلة للحل للقضية اليمنية وخروجها من الحرب كانت منطقية متوازنة وتعبر عن طموح كل يمني حيث قالت: "أدعو الجميع إلى حوار ومصالحة وطنية تفضي إلى دولة جميع اليمنيين، صاحبة الحق الحصري في امتلاك السلاح ومزاولة السيطرة والسيادة على كامل التراب الوطني؛ هذه الدولة توافقنا عليها في مخرجات الحوار الوطني وفي مسودة الدستور التي صيغت بعد ذلك. قد يقال إن الحوثي لن يقبل بهذا الشرط ولن يتخلى عن سلاحه وسيطرته للدولة حتى ولو كان شريكا فيها! من لا يرضى به اليوم مختارا سيرضى به غدا مضطرا أو عن قناعة، لا يهم". الخلاصة: تحية لهذه اليمنية المناضلة على هذا الموقف الرائع.