تراجعت وزارة التجارة، عن إلزام المستوردين بإرفاق ملف التوطين البنكي لعمليات الاستيراد بشهادة تؤكد أن المواد الأولية والسلع موضوع عملية التوطين قادمة من الدول الأصلية، وذلك عبر مراسلة وجهتها إلى جمعية البنوك والمؤسسات تخبرها عن تخليها عن الإجراء الذي اتخذته قبل شهر واحد فقط، وأثار العديد من التحفظات بسبب عدم إمكانية تطبيقه على أرض الواقع. يبدو أن ملف الاستيراد ومهمة خفض فاتورة الواردات التي مازالت تتجاوز ال46 مليار دولار، يندرجان في خانة المهام المستحيلة، بدليل حالة "خبط " واضحة في اتخاذ القرارات واضطراب في المواقف، فوزارة التجارة التي راسلت جمعية البنوك قبل شهر واحد فقط تطلب منها إعطاء أوامرها للمؤسسات المالية والبنكية، منع أي عملية توطين بنكي في حال لم يرفق ملف عملية الاستيراد بشهادة تؤكد أصلية السلعة أو المواد الأولية وقدومها من بلد المنشأ، عادت لتتراجع أمس الأول وتوجه مراسلة جديدة تلغي فيها المطالبة بشهادة المادة الأولية المستوردة لدى المصنعين والمنتجين المحليين، بعد أن كانت تلزمها باستخراجها من الدول الأصلية الموردة للمواد المعنية وإن أبقت الحكومة العمل بالوثيقة موضوع المراسلة للمستوردين الذين يجلبون مواد أو سلعا كاملة، إلا أنها أكدت صحة الانتقادات التي طالت مضمون التعليمة لدى صدورها، والتي اعتبرها المستوردون صعبة التجسيد لعدة اعتبارات أحدها أن هذا النوع من الشهادات غير معروف لدى الدول المصدرة لهذه السلع. المراسلة الصادرة عن جمعية البنوك والمؤسسات المالية بتاريخ 7 فيفري 2018 تحت رقم 74/DG /2018 والموجهة إلى مديري البنوك العامين، تشير إلى أن قرار إلغاء التعامل بالوثيقة الخاصة الصادرة عن غرف الصناعة للدول الموردة للمواد الأولية، جاء تطبيقا أو تتمة لمراسلة تلقتها جمعية البنوك من وزير التجارة محمد بن مرادي، رقم 42 و المتعلقة بشهادة التسويق الحر في الدول الأصل والتي كانت تلزم المصنعين وشركات الإنتاج بإحضارها وتقديمها للبنوك الجزائرية قبل عملية التوطين البنكي، أي قبل الترخيص لعملية الاستيراد من الباطن، ذلك لأن كل عملية استيراد بحاجة إلى عملية توطين توفر لها التمويل بالعملة الصعبة وبالسهر الرسمي المتداول في البنوك. البنوك التي تحركت بناء على طلب وزارة التجارة، والتي تتحرك بتعليمات من الوزير الأول، ألزمت كل المتعاملين بإحضار الوثيقة قبل عملية التوطين البنكي، إلا أن وزارة التجارة لم تضع ضمن حساباته الانعكاسات الجانبية أو السلبية لمضمون القرار ، والذي تسبب في تأخر الحصول على المواد الأولية، التي تدخل ضمن الصناعات المحلية، والتي سبق لوزير التجارة وأن أكد في تصريحات عديدة له أن نسبة 98 بالمائة من المواد الأولية التي تدخل ضمن الصناعة المحلية مستوردة، ويبدو أن قرار تراجعه بشأن إلزامية تقديم وثيقة إثبات بلد المنشأ بالنسبة للسلع المستوردة، مرده الندرة التي بدأت تظهر بوادرها في العديد من القطاعات، مثل صناعة الخزف التي اشتكى منتجوه من شح المواد الأولية، والأكيد أنه في حال امتدت "أزمة" المواد الأولية لصناعات أخرى، فستجد وزارة التجارة نفسها أمام حقيقة أن قرار وضع قائمة للحظر المؤقت لقرابة 900 منتوج مستورد، غير قابل للتجسيد بسبب عجز المنتوج المحلي عن تلبية الطلب الداخلي.